في 27 آذار2015 اختصر حسن نصرالله أمين عام حزب الله الإسلام بإيران، فرمى في وجه العالم الإسلامي ديباجته هذه: «إيران الجمهورية الاسلامية دولة الإسلام دولة الإمام الخميني دولة الشعب المسلم المناضل والمجاهد والذي عنده الاسلام يعلو على كلّ اعتبار قومي وفارسي وعرقي وطائفي وما شاكل (…) إيران تساعد لبنان وفلسطين وتساعد سورية والعراق وتساعد في أماكن أخرى وهي لا تملي ولا تقرر ولا تتدخل ولا تهيمن»!! بمقدرة فائقة يُزيّف حزب الله الأدوار والألوان، فبعد التدمير المذهبي الممنهج للعراق وسوريا واليمن ولبنان ومحاولة فرض إيران جيوسياسية تفرضها بقوّة الهلال الشيعي مع تغيير ديموغرافي لطبيعة السكان في مناطق تعرضت وتتعرّض لتطهير مذهبي وعرقي!!
حزب الله «قلق» من إنشاء تحالف إسلامي عسكريّ «سُنّي» في وجه إرهاب إيران وأذرعها العابثة في المنطقة، خصوصاً وأن تجارب الحرب من الجوّ ماثلة أمام ناظريه في التحالف الدولي في العراق والتحالف العربي في اليمن والتدخل الروسي في سوريا، فكم طلعة جويّة ستحتاج خطوط حزب الله الأمامية والخلفيّة العاملة في تقتيل الشعب السوري لتنهار كلياً، وأي استعداد ستبديه روسيا لمواجهة دول العالم الإسلامي بعدما أخرجت بطريركها ليبارك دخول فلاديمير بوتين على خطّ الحرب لحماية مصالح روسيا في الشرق الأوسط، عبر الطلعات الجويّة وحدها سيتحوّل حزب الله إلى فرق عملة في هذا النوع من الحروب الشاملة.
وحزب الله «القَلِق» خرج بالأمس ببيان اختصر قلقه الشديد فعبّر عن «شكوك عميقة بالخلفيات والأهداف وراء إعلان المملكة السعودية للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب وأنّ إنشاء هذه التحالف هو أمر دبّر على عجل وبشكل مشبوه» بالطبع من دون أن ينسى كيل تهم الإرهاب للسعودية، مع أنّ تساؤلاً واحداً عن تسمية دولة واحدة قامت السعودية بزعزعة استقرارها لن نعثر له على جواب في مقابل عشرات الدول التي طالها الإرهاب الإيراني!!
هنا علينا أن نقول، هذا تاريخ يُعيد نفسه وإن بصياغات جديدة ومتعددة، إيران اليوم احتاجت إلى بضع سنين لزعزعة استقرار العالم العربي، لكنها قبل ما يقارب ألفيّة وقرنين من الزمن، منذ زمن الخلافة الأموية، ولاحقاً الخلافة العباسيّة احتاجت إلى ما يزيد على قرن من الزمان، بينها سبعة عقود ويزيد من العمل المنظّم الدؤوب الخبيث دعمت فيه تأسيس الخلافة العباسية بالجند ترسلهم من خراسان لتعيد تطويق العرب معتمدة «الصبر الاستراتيجي» ذاك اللفظ الذي استخدمه حسن نصرالله بوصفه مصطلحاً سياسيّاً جديداً، في معرض حديثه عن تأنّي عبدالملك الحوثي وعدم قصفه للسعودية بالصواريخ الحوثية الإيرانية الصنع!!
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فنيجيريا تشغل بال إيران هذه الأيام حيث أسست هناك حزباً شبيه بحزب الله ونموذجاً مستنسخاً من حسن نصرالله فالشيخ «الزكزاكي» يحتاج إلى فتح ملفّ نشر التشيّع في إفريقيا، هنا أيضاً تاريخ يعيد نفسه إيران تريد العودة إلى المغرب العربي، تتسلّل من جديد تماماً كما أعاد الفرس التجربة بعد نكبتهم العباسيّة ولكن من أرض أخرى وعبر الفاطميّين هذه المرّة فأسسوا مدينة المهديّة في ولاية إفريقية عام 912 – 913م، واتخذوها عاصمةً لدولتهم الناشئة، وفي سنة 948 نقلوا مركز الحُكم إلى مدينة المنصوريَّة، ولـمّا تمَّ للفاطميين الدّخول إلى مصر سنة 969م أسسوا مدينة القاهرة شمال الفسطاط وجعلوها عاصمتهم، فأصبحت مصر المركز الروحيّ والثقافيّ والسياسيّ للدولة الشيعيّة الإسماعيليّة، وبقيت كذلك حتّى انهيارها، ومرّة جديدة انهار حلم إيران فالدولة الفاطميَّة استمرَّت تُنازع حتّى سنة 1171 وعندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين العاضد لدين الله، وأزال ملكهم وسُلطتهم نهائياً.
هذا الكابوس الإيراني في سوريا وفي لبنان شارف على نهايته، وستلحق به المنطقة كلّها، ولا يظنّن أحد هنا أننا نعوّل على التحالفات الناشئة الدولية والعربية أو الإسلاميّة، بل ما يجعلنا متيقنين بقرب نهاية هذا الكابوس الإيراني هو دعاء النبيّ صلوات الله عليه على كسرى «مَزَّقَ اللهُ مُلْكَه»، وفي كلّ مرّة يُمدّ لهم الله حبله المتين ثم يأخذهم من حيث لا يحسبون، وفي هذه الأيام المباركة التي خضع فيها المجوس مرّتين فزلزل كيانهم في الأولى طلوع نجم السيّد المسيح عليه السلام، وتزلزل إيوان كسرى بطلوع نجم أحمد المختار نبينا صلوات الله عليه، وما زالت الأنباء تتوالى عن توافق مولدهما هذا العام وهو أمر لم يحدث منذ خمسمئة عام ويزيد وهو الفارق التاريخي بين آية الله للعالمين السيد المسيح في أرض فلسطين، وظهور محمّد وسطوع شمس الإسلام في أرض العرب.