IMLebanon

زفّة الصهاريج

 

خرجت الجماهير، زرافات ووحداناً، لينطلق لسانها بالشكر والإمتنان لحسن نصرالله وإيران وبشار الأسد. وكيف لا؟؟ فهذه الجماهير وفية لمن يشكل طوق نجاتها ويؤمن لها ماءها وكهرباءها ورغيف خبزها ومدرسة أولادها ومستشفى مرضاها ودواءهم.

 

وهل هناك ما يستحق الوفاء أكثر من ثالوث التبريكات هذا؟ فجنة عدن هي حيث يكون وتكون نعمه التي تتكسر كموج البحر عند شاطئ إحتياجاتنا، حتى لا تُخضعنا الولايات المتحدة بحصارها إلى مشروعها الاستلحاقي الإنهزامي، وتنال من عزتنا.

 

لذا وجب الإحتفال وشقت العباب زغاريد النسوة، فقد شعشعت الأنوار وانحسرت العتمة خسيئةً وهُزمت طوابير الذل هزيمة نكراء، وذلك قبل أن يفرغ أي صهريج مازوته الإيراني في الخزانات العطشى إلى الإمتلاء بالخيرات.

 

ولا لوم على الجماهير الملتزمة تعليمات العفوية والتنظيم المرافق لها، والقاضي بمخالفة توجيهات الأمين العام لـ”الحزب”، بعد زلة لسان مسؤوله الإعلامي في البقاع أحمد ريا الذي فضح ترتيبات هذه العفوية المرتقبة ودق المهابيج مع زفة الصهاريج.

 

والأمر لا يحتاج إلى التبحر في لجة التحليلات، فالشمس طالعة والنسوة قاشعات، والثالوث المذكور دحر باب خيبر الأميركي بصهاريجه، ودكه دكاً، وعلّم عليه وإلى أبد الآبدين، فلن يستطيع بعد اليوم أن يحط عينه بعين محور الممانعة بكل تفرعاته الأصلية والفرعية.

 

وبالطبع تابع الإعلام هذا المهرجان وهذا الاحتضان الشعبي المبرمج في محطاته. وقف المراسلون في الأمكنة المحددة لهم لينقلوا الصورة البهية للتفاعل غير المنظم المحكوم بالاندفاعة التي لا يمكن تجاهلها، للمهللين الذين شبعوا مازوتاً حتى قبل حصولهم على قطرة منه، وسكروا على الريحة.

 

ونقلت إحدى المراسلات أن التهليل للصهاريج ترافق مع إطلاق نار كثيف، فور سماعها الدوي، لتستدرك بعد تنبيهها إلى ذلك، أن الدوي هو لأسهم نارية ومفرقعات تشبه تلك التي انفجرت في مرفأ بيروت، فتكذبها الصور والفيديوات والآر بي جي بعد ذلك.

 

والقضية تحرز، فالامر لا يقتصر على إضاءة مولِّد عوضاً عن لعن الظلام ولكن على قلب المعادلات الدولية رأساً على عقب. فكل صهريج يحمل في بواطنه حلولاً على مستوى الوطن، ابتداء بجر الغاز المصري، ومروراً بالتشكيل السحري لحكومة “شيح بريح”، وليس انتهاء بالآمال المنتظرة والخيرات التي سيغدقها البنك الدولي ومعه الصناديق والجهات المانحة الدولية على وطن النجوم.

 

وكل ذلك حتى لا تستفرد إيران ومحورها بمساعدتنا، فنحبها ونواليها ونرفس الوجود الأميركي ونتعفف عن الحلم بـ”Green Card”.

 

أما عن العدو الإسرائيلي، فحدث ولا حرج. فها هو يضرب أخماساً بأسداس ويقيم مجالس العزاء على روح تفوقه العسكري، إذ تلقى صفعة من كعب الدست ودرساً في استراتيجية الردع سيُعَلِّم على جنباته، بعدما كان قد غشي على قلبه من استراتيجية المناطق المفتوحة للصواريخ الذكية.

 

وهزي يا نواعم خصرك الحرير مع هكذا عفوية. صار بإمكان اللبنانيين أن يرتاحوا إلى آخرتهم، ويستكثروا بخيرات ثالوث التبريكات مع الشكر لنصرالله و”أمنا إيران” و”الأب الحنون بشار”. ولا لزوم للسؤال عن مفاعيل الصهاريج، مع تقلص خدمات المولدات بانتظار إرغامنا على الدفع بالعملة الخضراء. فالعتمة التي قضى عليها كسر الحصار هي معنوية تغذي الروح بعدما أعموا عيوننا وأفرغوا جيوبنا، وأقفلوا مدارسنا ومستشفياتنا.. والخير لقدام..

 

أما الحكومة الميقاتية الوليدة، وربما غير الوَلّادَة للحلول العجائبية، فنطاق عملها سينحصر كما يبدو بين “حكي السرايا وحكي القرايا”، وما إلى ذلك من حكايات يسلينا بها الوزراء الأشاوس، وينهلون معانيها العميقة من عيون الأمثال في الأدب الشعبي.