حزب الله يطعن الحكومة الجديدة قبل انطلاقتها بمهامها
شكلت سلوكية حزب الله باستقدام شحنات المازوت الإيراني الى لبنان خارج الاطر القانونية والشرعية، اول طعنة في مسيرة الحكومة الجديدة، وزادت من حدة التباينات والخلافات السياسية، وتنامي الشكوك بامكانية، تسهيل مهمتها لوقف كارثة الانهيار، ومساعدتها لحل الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان.
فهذه الممارسة اللاشرعية لحزب الله، تتعارض كلياً مع الادعاءات المعلنة للحزب بتأييد قيام الحكومة، ودعمها للقيام بالمهام المنوطة بها لأنه لا يمكن في الوقت نفسه، الجمع بين دعم الحكومة من جهة، والامعان في استباحة الدولة اللبنانية، وتجاوز القوانين، وكأنها غير موجودة، مهما كانت الحجج والذرائع الوهمية التي ساقها الحزب، بإعلامه وسياسيِّيه، للترويج لهذه الممارسة المتردية.
وفي تقييم واقعي لخطوة الحزب باستقدام المازوت الإيراني الى لبنان بعد المباشرة بتوزيعه، لوحظ ان تداعياتها السلبية والضارة على الدولة اللبنانية واللبنانيين، فاقت بكثير، الفوائد والايجابيات، التي صورها قادة الحزب وإعلامه، بأنها تهدف الى خرق ما يسمونه زوراً، الحصار الاميركي والاسرائيلي على لبنان، للتخفيف من حدة الازمة الضاغطة على الناس، وادعاءاتهم بالانتصارات الصورية غير الموجودة، في حين، لا يخفى على معظم اللبنانيين، مسؤولية الحزب المباشرة، بالتسبب بالازمة الخانقة الحالية، بالتماهي مع حليفه رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره السياسي.
طعنة المازوت الإيراني بخاصرة الحكومة الجديدة، حققت اكثر من نتيجة سلبية، اولها، محاولة اضعاف ثقة اللبنانيين بالحكومة وفرملة انطلاقتها والتشكيك بقدرتها على انقاذ لبنان من الازمة، وثانياً، اعطاء انطباع سلبي عن الحكومة للخارج عربيا ودوليا، وتوسيع الهوة بينها وبين المحيط العربي، ولاسيما مع دول الخليج، لمنع تحسين واعادة العلاقات معها الى سابق عهدها.
لا يمكن محو الضرر الذي أصاب لبنان بالصمت والتجاهل
وكلا النتيجتين تعطي انطباعا بأن الحكومة مُهيمن عليها بالكامل من قبل الحزب، ولا تصب في مصلحة لبنان واللبنانيين عموما.
لم تقتصر طعنة الحزب للحكومة بالمازوت الايراني، فقط، بل استكملت بطعنة ثانية، وجهها قيام مسؤول الامن بالحزب، بتهديد مباشر للمحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت العام الماضي، علنا، وامام انظار الجميع، مازاد في الشكوك بامكانية ترك الحكومة العتيدة، تنطلق لتنفيذ وعودها وتقوم بمهامها على مختلف الصعد.بينما الانطباع الأسوأ، الذي تكوَّن بالداخل والخارج معاً، عدم استطاعة الدولة اللبنانية على المضي، بكشف ملابسات التفجير بشفافية، والاستمرار بهيمنة الحزب على مؤسساتها، في ظل صمت مطبق من كبار المسؤولين فيها، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يعلن باستمرار حرصه على انتظام عمل المؤسسات، عما حصل، وعدم قيامه بأي ردة فعل رافضة ومستنكرة لهذا التهديد للقضاء، وكأنه غير موجود.
لن تقتصر تداعيات تهديد حزب الله للمحقق العدلي بتفجير المرفأ عند حدود استباحة الدولة، والتأثير سلباً على سمعة القضاء اللبناني، محليا، ودوليا فقط، بل تتعداه الى اعاقة الجهود المبذولة، والخطط التي يجري اعدادها، لإعادة اعمار مرفأ بيروت من جديد، والأبعاد الخطيرة والمبيتة لهذه الممارسة الهدامة.
وفي الخلاصة، لا يمكن تجاوز التأثيرات السلبية والضارة لجلب المازوت الايراني الى لبنان، خارج القوانين المعمول بها، واستباحة الحدود الدولية للبنان، من قبل الحزب وإيران والنظام السوري، بلا حسيب ورقيب، مهما حاول كبار المسؤولين، غض الطرف عما حصل، مجاملة للحزب، او خوفا منه، لأن الضرر على لبنان وسمعته كدولة وقع، ولا يمكن محوه بالصمت والتجاهل.