IMLebanon

الهبة الإيرانية لا تزال قائمة والحكومة توارب

 

أوقفت وزارة الطاقة تقنين الكهرباء في لبنان. لا جدول ولا مواعيد لان الإنقطاع صار 24 ساعة على 24. صار موضوع الكهرباء في لبنان مدعاة للسخرية والهزل. منذ نهاية الحرب اللبنانية قبل ما يزيد على ثلاثين عاماً والتيار الكهربائي لم يعد الى طبيعته في لبنان وبقي التقنين يزداد بدل ان تضيق ساعاته. وتحول ملف الكهرباء الى ملف شائك دونه تبادل الاتهامات بالهدر والصفقات. كل ذلك لم يعد يعني المواطن. جلّ ما يعنيه عودة التيار الكهربائي والذي صار من رابع المستحيلات. الغريب في ملف الكهرباء هروب المسؤولين من زيادة التعرفة على فاتورة الكهرباء ومقاربة الموضوع من ناحية شعبوية أكثر مما هي واقعية. وزير الكهرباء يرفض زيادة التعرفة ما لم يتمكن من اعادة ساعات التغذية ولو لأربع ساعات يومياً. صار الناس اكثر قابلية لزيادة التعرفة مقابل بدل اشتراك المولد وتحكم اصحاب المولدات بالعباد حتى بات امرهم عصياً على احزاب الامر الواقع في المناطق. الحلول غير معدومة لكن النوايا غير متوافرة طالما المقاربات تجري بعيداً عن مصلحة المواطن. وهذا ما تظهره الوقائع والتي كان آخرها التعاطي الرسمي مع الهبة الايرانية التي تنكر الحكومة جدّيتها بينما يؤكدها «حزب الله» وايران.

 

منذ فترة ليست بعيدة، اعلن امين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله مبادرة تعهّد خلالها باستقدام الفيول الايراني مجاناً لسد احتياجات معامل الكهرباء في لبنان، لم يتم التعاطي معها بجدية. حاذرت الحكومة ولا تزال في اعلان قبول هذه الهبة. وحده وزير الطاقة وليد فياض اعلن عن استعداده لزيارة طهران لكنه لم ينل تفويضاً رسمياً من الحكومة ورئيسها. ينقل مصدر وزاري ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ابلغ الوزراء ان لا هبة ايرانية وانه حين فاتح سفير ايران في لبنان بحقيقة الامر لم يتحدث السفير عن هبة بل طالب بزيارة وفد تقني لبحث آلية المسألة مع المسؤولين في طهران. وهو ما فسره على غير ما قدمه نصرالله اي ان ايران غير مستعدة لتقديم الهبة حسب المصدر الوزاري.

 

ومنذ اعلان نصرالله حتى اليوم لا يزال الموضوع عرضة للتأويل والتحليلات المختلفة من دون نفي رسمي او تأكيد ما شرّع باب التخمينات. مصادر مواكبة لإعلان الأمين العام والخطوات التي تلت، جزمت بوجود مسعى ايراني جدي لمساعدة لبنان من خلال تقديم هبة وهو ما سبق وأكده السفير الايراني خلال زياراته المتكررة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي طالباً من الحكومة ارسال وفد تقني لبحث تفاصيل الهبة مع المعنيين في طهران. وبينما ترفض الحكومة ارسال مثل هذا الوفد تراه ايران خطوة ضرورية خاصة وان لبنان تعاطى على النحو ذاته يوم زار وفد رسمي مكلف العراق للبحث بموضوع الكهرباء كما زار وفد مماثل كلاً من الاردن ومصر فلماذا لا يسري المبدأ ذاته على ايران؟

 

امتناع لبنان عن ارسال وفد الى طهران لبحث الموضوع مباشرة فسره المعنيون بأنه تعاطٍ غير جدي اذ لا يمكن الاكتفاء ببحث المسألة مع السفارة الايرانية التي ليست الجهة الوحيدة المولجة الحديث عن تفاصيل يلزمها متخصصون، ولصاحب المصلحة ان يتابع مصلحته فاذا كان لبنان في احوج ما يكون للمساعدة فكيف لا يستكمل البحث ولو من باب الاستفسار من المعنيين وادخال الخطوة في بازار سياسي. تعتبر ايران ان الكرة في ملعب لبنان بينما هي جاهزة لتقديم الهبة بعد ان يتم اخراج البحث من دائرة المزايدات الى حيز المتابعة.

 

يؤكد العالمون ان السيد نصرالله لم يكن ليعلن عن مثل هذه الخطوة لو لم يكن واثقاً من عزم ايران على تقديم الهبة لكن الآلية التفصيلية تحتاج الى خطوات تنفيذية يتم الاتفاق عليها مسبقاً لان استقدام الفيول مختلف عن استقدام المازوت الذي سبق واستقدم الى لبنان عن طريق البر وخارج اطار التنسيق مع الدولة، المقصود هنا مساعدات نفطية لسد احتياجات المعامل وشرطه الاطلاع على حاجة لبنان والاتفاق على آلية التسليم. وطالما لا مراسلات رسمية فالحكومة لم تتعاطَ مع الهبة بجدية خشية تعرض رئيس الحكومة لعقوبات اميركية. في حساباته اذا كان السفيرة الاميركية اعلنت بنفسها عن مسعى لمدّ لبنان بالكهرباء من الاردن عن طريق مصر وسوريا ولم تفِ بوعدها لوجود فيتو اميركي فكيف بالحري اذا قبل هبة ايرانية؟

 

لكن الحكومة العاجزة عن سد حاجة المعامل من الفيول، حتى صار لبنان غارقاً في العتمة، عاجزة ايضا عن المبادرة تجاه ايران خشية العقوبات الاميركية. وهنا مكمن القطبة المخفية.