IMLebanon

الانقلاب الدائم

 

مّرت سنة ونيّف على “المحاولات الدستورية” لتشكيل حكومةٍ جديدة. منها شهر طُوِّب بإسم محاولة السفير مصطفى أديب وتسعة شهور خاض خلالها الرئيس سعد الحريري تجربته المحكومة سلفاً بالرفض، وها هو الرئيس نجيب ميقاتي يمضي شهراً في استحضار الأرواح من دون ان تسفر مزاياه في فكفكة العقد والمُعَقدين.

 

كان الانهيار الإقتصادي والمالي سبباً في اندلاع احتجاجات 17 تشرين واستقالة حكومة الحريري في حينه. وجاءت فرصة ذهبية لإحداث تغيير مع حكومةٍ تنهض بأعباء مواجهة الإنهيار، الا ان ذلك لم يحدث. انصبت جهود فرقة السلطة للنهب العام على ضرب الانتفاضة وشق صفوفها ومنع تحولها الى ظاهرة خارقة للمناطق والطوائف، وعلى مسار الإتيان بحكومة انقاذ انصبت جهود الفرقة المذكورة على التأليف قبل التكليف الى ان حسمت أمرها وجاءت بحكومة اللون الواحد برئاسة حسان دياب المستمر في منصبه الى الآن.

 

وإذا كان الإنهيار المالي والإقتصادي لم يدفع باتجاه حكومة انقاذ، فإن الكارثة السياسية باتت فاضحة بعد جريمة تفجير المرفأ. أضاف ذلك التفجير الاجرامي اسباباً جوهرية لعدم الثقة بأركان السلطة، وإستدعى تحركاً دولياً قاده الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمعالجة الوضع اللبناني. طرح ماكرون مبادرةً متكاملة بنصوصها الاقتصادية والمالية، وخريطة طريق لحكومة تتشكل من اختصاصيين تتولى القوى السياسية دعمها. صادق الجميع على المقترحات الفرنسية وابدوا حماساً لها الا ايران التي تساءل وزير خارجيتها من موسكو: ماذا يفعل ماكرون في لبنان؟

 

فرملت ايران المسعى الفرنسي عبر ادواتها المحلية وهي قادرة وفاعلة. سقطت مبادرة ماكرون بسقوط محاولة أديب، ومع الحريري تكرّسَ انهيارها النهائي وجاء ميقاتي ربما لإفتتاح عصر سلطةٍ من نوع أخر تماماً.

 

ايران الوزير الضاحك الظريف تصدت للمشروع الفرنسي أما ايران أمير اللهيان وحكومة الحرس الثوري فلا شك ستحاول قطف ثمار ما زرعه اسلافها. واللهيان لم يخبئ نوايا السلطة الجديدة في بلاده ولم يُخْفِ اولوياته وهو الفخور بانتمائه الى خط الراحل قاسم سليماني. تحدث عن مهامه امام مجلس الشورى وأكد انه سيسعى الى توطيد نفوذ فصائل المقاومة ومنها في لبنان.

 

لن يحتاج تحولٌ من هذا النوع الى ميقاتي وحكومةٍ يشكلها، بل الى انقلابٍ سياسي كامل يجعل استيراد النفط الايراني مطلباً رسمياً لبنانياً وليس صفقة حزبية، وهذا الانقلاب قد يتطلب اطالة عمر حكومة تصريف الأعمال لتذليل العقبات وازالة النتوءات، مع ما يتطلبه ذلك من إغراقٍ للناس في الأزمات وحالات اليأس. ثم، ومع إقتراب العهد من نهايته يحين موعد القطاف.