Site icon IMLebanon

“كازية” المحور

 

 

بدا إعلاناً غير مدفوع الترويج للمازوت الإيراني الذي سيصل أخيراً إلى لبنان، ليصار إلى توزيعه “لمن يرغب”، و”بمعزل عن أي إنتماء طائفي أو سياسي” و”بأقل من سعر الكلفة، وذلك “كهدية ومساندة للشعب اللبناني من الجمهورية الإيرانية الإسلامية و”حزب الله”… وربما من يشتري تنكتين يحصل على الثالثة مجاناً…

 

وماذا يريد المواطن اللبناني أكثر من ذلك؟ فـ”كازية المحور” تؤمن وقوداً نظيفة وخالية من الرسوم الجمركية و”TVA” والرقابة والفحوص المخبرية الضرورية للجودة وخارج القيود الرسمية…

 

ولنا أن نتفاءل بهذه الخطوة النوعية، فها نحن وصلنا إلى مرحلة التفلت الساحق الماحق مع مازوت يصل “سالماً غانماً” وفق مبدأ الحدود المفتوحة، وهي الأفضل لإلغاء التهريب وللقضاء على السوق السوداء تحدياً لمقولة “كل ممنوع مرغوب”.

 

والأهم أن هذا المازوت يرسم سياسة الحكومة الميقاتية في توقيت مدروس. هو يترجم، فعلاً لا قولاً، البنود التي وُضِعت وتُوِّجت بإتصال بين الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ونظيره الفرنسي لإرساء الثلاثية الذهبية المثمرة إقتصادياً بين إيران وفرنسا و”حزب الله”، والتي ستتكرس أكثر فأكثر بثلاثية ذهبية أخرى، هي “جيش وشعب ومقاومة” في متن البيان الوزاري للحكومة الميقاتية الثالثة، إلتزم بها ماكرون منذ حط برجله اليمنى على الأرض اللبنانية غداة جريمة تفجير المرفأ ليُعوِّم المنظومة والحاكم بأمره الذي يديرها.

 

وطبيعي أن يتصرف الحزب بهذه الأريحية، فإنجازاته لا تعد ولا تحصى، لا سيما بعدما سجَّل فتحاً مبيناً بعد الجهود الحثيثة والجبارة للقضاء على محاولة اللبنانيين الانتفاض على الطبقة السياسية والسعي لتغييرها، والنجاح في إذلالهم وإفقارهم، وبعد تعطيل الدولة ومؤسساتها بحيث مضى 40 % من العهد العوني القوي في تصريف الأعمال… ولا عمل إلا المزيد من الخراب، مع تكثيف الدعوات إلى شد الأحزمة وتحريم الحفاضات المصنعة والمعلبة.

 

عدا ذلك كل شيء معلب، ابتداءً من الحكومة التي تم إختيار معظم وزرائها لتكريس دلالات الإرتهان للمحور وأذرعه، ومروراً بالبيان الوزاري الجاهز، والذي لا يحتاج تسخيناً ليتم وضعه على مائدة المعادلات الدولية والإقليمية، وليس انتهاء بخطاب نصرالله بعد التقاط الصورة التقليدية لحكومة آخر العهد، ليؤكد المؤكد، ضامناً النتائج المأمولة للإنتخابات النيابية المرتقبة، ما دامت كل الإجراءات التي تمهد لها قد أنجزت منذ 17 تشرين الأول 2019، وصولاً الى ما نحن فيه.

 

ولكن مهلاً… واضح أن كل هذه الإنتصارات هي وليدة الغطاء الأميركي وليس العكس. فمهاجمة الولايات المتحدة ليست إلا لزوم ما يلزم لشد عصب البيئة الحاضنة وإعادة لمِّ شملها بعد سد رمقها بما تيسر. ويكفي الإنتباه إلى باطن ما يحصل منذ فترة لنتبين دلالات الصفقة التي تؤكد تقاطع المصالح التي تكثر وتتكثف بين إيران والإدارة الأميركية.

 

وفي حين يؤكد مسؤولون أميركيون رفضهم نفوذ إيران وسلوكها، يواصلون تلزيم المنطقة إلى “كازية المحور” ومشتقات وقوده، مقابل الخطوات المتسارعة من خلال إجتماعات المسؤولين الإسرائيليين بالروس، واستلحاقها بزيارة بشار الأسد موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

وفي حين يخاطب نصرالله الشيطان الأكبر مهدداً وشامتاً بعدما “خابت رهاناته وفشلت سياساته” يعد ببقاء “المعادلة الذهبية التي تحفظ لبنان في أمنه الداخلي وفي حدوده وتثبت معادلات الردع وتحمي كل ما له صلة بهذا البلد”، يقع في التناقض لدى اعتباره زيارة الوفد الحكومي لسوريا “بموافقة الأميركيين وهي خطوة جيدة تحت أي ظرف كانت”…

 

والله يديم الوفاق…