Site icon IMLebanon

سقوط الحسابات السريعة والرهانات على الهيمنة

 

المناخ حار وصدامي، بصرف النظر عما يدور من وساطات ومحاولات لتبريد الأجواء من أجل أهداف تاكتيكية داخل دول وبين دول. من لبنان الصغير الى العالم الكبير مروراً بالشرق الأوسط الواسع. فلا معركة الإنتخابات النيابية في لبنان محلية فقط. ولا الصراعات الجيوسياسية في المنطقة شرق أوسطية فقط. لا حرب أوكرانيا روسية-أوكرانية وأوروبية فقط. ولا اللعبة الإستراتيجية والجيوسياسية في منطقة المحيطين الهندي والهادي أميركية-صينية فقط. وأقل ما على أصحاب الحسابات المتسرعة والرهانات الإنتصارية هو إعادة النظر والعودة من الأجوبة السهلة الى الأسئلة الصعبة.

 

ذلك أن ما يتغير في حرب أوكرانيا ليس فقط أهداف الغزو الروسي والمقاومة الأوكرانية بل أيضاً اللعبة الإستراتيجية والجيوسياسية. فالرهانات على ولادة نظام عالمي جديد تبدلت. والأحاديث عن تسوية تضمن حياد أوكرانيا تراجعت. وما كان مساعدات عسكرية أميركية وأوروبية لـ”تكبير ثمن الغزو” على الرئيس فلاديمير بوتين صار مساعدات لتحقيق “إنتصار” أوكراني وهزيمة إستراتيجية لروسيا. فوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أعلن في إجتماع في ألمانيا ضم ثلاثين دولة، أن “الهدف ليس فقط دعم الدفاعات الأوكرانية بل أيضاً مساعدة كييف للإنتصار على قوة غازية أكبر”. ووزير الخارجية أنتوني بلينكن قال، وسط الإنتقال الى تقديم أسلحة ثقيلة “مقابل كل دبابة روسية في أوكرانيا قدمنا عشرة أنظمة مضادة للدبابات، ومقابل كل طائرة روسية قدمنا عشرة أنظمة مضادة للطائرات”. وليس هذا أمراً لن يرد عليه بوتين، ولا هو المناخ الذي يؤدي حتى على الحامي الى نظام عالمي جديد تديره أميركا والصين وروسيا.

 

ورهانات “محور الممانعة” على “صفقة ” أميركية-إيرانية تبدأ بالعودة الى الإتفاق النووي وتطلق يد طهران لتوسيع نفوذها الإقليمي، بدت متسرعة. فما بعد الإتفاق النووي، إذا حدث، وقبلت واشنطن إخراج “الحرس الثوري” من لائحة المنظمات الإرهابية، ليس التفاهم على صفقة إقليمية ولا التساهل مع إيران من دون صفقة بل إستمرار الصراع. إذ منطق إدارة الرئيس جو بايدن، كما يقول بلينكن، هو منع إيران من حيازة سلاح نووي يزيد من قدرتها على “الأنشطة الخبيثة”. لكن الإتفاق “لن يؤثر على قدرتنا وتصميمنا على ملاحقة الأنشطة الخبيثة والإستفزازات الإيرانية في المنطقة، كما على إعادة الحرس الثوري الى اللائحة”.

 

والإنتخابات النيابية والرئاسية في لبنان ليست معزولة عن هذا المناخ الصدامي الإقليمي والدولي. وهو ليس المناخ الملائم لرهان “حزب الله” على أكثرية لتكريس هيمنة “الممانعة”. ولا بالطبع المناخ الذي يقود الى تسوية أو صفقة هنا. ولا لبنان متروك إقليمياً ودولياً للوصاية الإيرانية التي تكبر جبهة الرفض اللبناني لها.

 

تقول الدكتورة ماري-آن سلوتر: “نعيش في عالم مشاكله كونية وحلوله وطنية”. ومأساة لبنان هي غياب الحل الوطني حتى لمشاكل محلية.