المعارضة : لبنان لن يكون على قارعة المصالح الإيرانية والصراعات الدولية
لا تهدأ آلة الإجرام والتدمير الإسرائيلية في استهداف اللبنانيين الأبرياء، حاصدة آلاف الشهداء والجرحى، فيما يعجز المجتمع الدولي عن وقف الجنون الإسرائيلي الذي هجّر ما يزيد عن مليوني لبناني. ولا يظهر أن الاتصالات التي أجريت حتى الآن، قد أفضت إلى أي تقدم على صعيد وقف إطلاق النار، في وقت لا يبدو أن العدو بصدد القبول بتسوية سياسية مع لبنان، في ظل الدعم الأميركي والغربي والوضح للحرب التي يخوضها ضد «حزب الله» الذي أعلن بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم استعداده للبحث في الحل السياسي، شرط وقف النار أولاً، في موازاة استعداده للاستمرار في الحرب، في حال قرر الإسرائيلي مواصلة عدوانه على لبنان. وهذا ما ثبتت صحته من خلال تصعيد «الحزب» لقصفه الصاروخي ضد إسرائيل، وتحديداً بعد الضربات الموجعة التي تلقاها، باستشهاد أمينه العام السيد حسن نصرالله، وعدد من كبار كوادره العسكريين.
وقد شكل الهجوم النوعي الذي شنه «الحزب» على مدينة حيفا وضواحيها بمئات الصواريخ النوعية، واستهدافه مراكز صناعات عسكرية لجيش الاحتلال، رسالة بالغة الأهمية بأنه قادر على إصابة أهدافه بدقة. وهذا تطور النوعي يفتح الأبواب أمام إمكانية أن تستخدم المقاومة المزيد من ترسانتها العسكرية، من صواريخ متطورة قادرة على إصابة أهدافها بدقة. وأشارت المعلومات إلى أن إسرائيل تنظر إلى ما قام به «الحزب» في الأيام الماضية، على أنه تحول في مسار الحرب القائمة. في ظل تقديرات إسرائيلية بأن «حزب لله» لم يستخدم بعد كل إمكاناته الصاروخية، حيث رجحت مصادر استخبارية إسرائيلية أن المقاومة إذا لزم الأمر ما زالت قادرة على إطلاق ما يقارب من ألف صاروخ يومياً. وقالت أوساط «حزب لله» أن الأخير أراد إيصال رسالة إلى جيش الاحتلال، بأن أسلحة الحرب الفتاكة لم يستخدمها بعد. وأنه سيفاجئ إسرائيل بأسلحة لا تتوقعها، إذا تمادت أكثر في غيها وعدوانها على اللبنانيين، في وقت قالت مصادر «حزب لله»، أن الآتي أعظم، طالما استمرت الحرب على لبنان.
وفي الوقت الذي لا زال مطار الحريري الدولي يعمل، وإن بوتيرة ضعيفة، في ظل تلقي لبنان تطمينات وليس ضمانات بعدم استهدافه، على ما قاله وزير الأشغال والنقل علي حمية، يواصل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اتصالاته على أعلى المستويات، من أجل تأمين الحماية للمطار من أي اعتداء إسرائيلي، في إطار جهوده المتواصلة من أجل العمل على وقف لإطلاق النار، توازياً مع استمرار الحكومة في حالة انعقاد دائمة، لمواكبة التطورات وتأمين احتياجات النازحين الذين تجاوز عددهم المليونين. وترى أوساط وزارية أن الأهم من كل الدعم العربي والدولي للبنان، العمل بجهد من أجل الصغط على إسرائيل لوقف عدوانها على لبنان، باعتبار أن هذا الأمر يشكل أولوية لا تتقدمها أولوية أخرى، متحدثة عن مجموعة من القرارات الحكومية التي ستتخذ، لمواكبة تداعيات النزوح الهائل في جميع المناطق اللبنانية، ما يجعل إمكانات الدولة الضعيفة أصلاً، وغير قادرة على تحمل تداعيات هذا النزوح، وما يمكن أن يتركه من انعكاسات على صعيد الأوضاع في لبنان. وما يتصل بالعمل على إبقاء لبنان بمنأى عن ردات الفعل التي يمكن أن تأخذ البلد إلى مزيد من التصعيد المفتوح على كل الاحتمالات.
واستناداً إلى المعلومات التي توافرت لـ«اللواء» بشأن الاستحقاق الرئاسي، فإن المعطيات الحسية لا توحي بأي تقدم على هذا الصعيد، في ظل استمرار العدوان على لبنان. وإن بدا واضحاً أن الأمور على الصعيد الرئاسي تتجه نحو الخيار الثالث الذي بات الأكثر ترجيحاً. وترى أوساط معارضة أنه لا بد من انتخاب رئيس لا يشكل تحدياً لأحد. أي أن لبنان يريد رئيساً ملماً بالملفات الشائكة المطروحة أمام لبنان، سواء ما يتعلق بالسيادة والاقتصاد والأمن وإعادة تصويب العلاقات مع الدول العربية والخليجية. وشددت على أن إصرار الفريق الآخر على سليمان فرنجية، لأنه يريد رئيساً من خطه السياسي، وينتهج نفس قناعات حزب لله، بما يمكنه من الاحتفاظ بسلاحه، وأن يكون هذا الرئيس موافقاً على القرارات التي قد يتخذها «الحزب»، وأن تكون له اليد الطولى فيها، على غرار العهد السابق».
وإذ انتقدت الأوساط، المواقف التي أطلقها وزير خارجية إيران عباس عراقجي من بيروت، بشأن ربط غزة بلبنان، فإنها أشارت إلى أنه لا يمكن أن يكون لبنان على قارعة المصالح الإيرانية والصراعات الدولية، كما هو اليوم. ولذلك فإن «حزب لله» مدعو إلى فك ارتباطه بغزة من أجل الحفاظ على ما تبقى في لبنان. وأن يعود «الحزب» إلى لبنان، لا أن يخرج منه. كذلك لا بد من عودة قرار الحرب والسلم إلى لبنان، وبناء استراتيجية دفاعية محترمة، يلتزم بها وتحمي لبنان، وتعيد الانتظام إلى البلد». وأشارت إلى أنه لا يمكن الخروج من هذا الاستعصاء الرئاسي، إذا بقي هذا الرفض النيابي لدى فريق من النواب، للقبول بسير العملية الديمقراطية. ولا ترى الأوساط أن البيان الثلاثي قادر أن يجد حلاً للمعضلة الرئاسية، طالما أن الإيراني مصر على ربط لبنان بغزة، وعدم استعداده للقبول بفصل المسارين.
وتنظر الأوساط بقلق إلى توقيت زيارة المسؤول الإيراني إلى بيروت التي كانت ومازالت فريسة العدوان الإسرائيلي المتواصل، معتبرة هذه الزيارة، مدعاة لقلق كبير من مغبة أن تكون مؤشراً لاتساع نطاق الحرب بين حزب لله وإسرائيل، بعدما سبق لقيادة الحرس الثوري الإيراني، أن دعت حركات المقاومة الإسلامية إلى الاستعداد لمواجهة واسعة ضد إسرائيل، ما قد يفتح الأبواب أمام مرحلة شديدة الخطورة ستواجه لبنان، وستزيد بالتأكيد من أعباء النزوح الذي ما عاد للدولة قدرة على تحمل أعبائه، مؤكدة أن الخوف كبير من أن تعمد إسرائيل إلى إطالة أمد الحرب واستكمال مخططها بتدمير لبنان بأكمله وتهجير سكان الجنوب، ترجمة لتهديدات قادتها، دون الأخذ بالدعوات الأميركية والفرنسية لضبط النفس.