يعقد الحوثيون اتفاقاً مع الإيرانيين على 14 رحلة طيران بين طهران وصنعاء أسبوعياً، والإتفاق من قِبل الحوثيين وليس من قِبل شركتي الطيران في البلدين ولا من قِبل الحكومة الإيرانية! وهذا بحد ذاته خارج كل عرف وقانون دولي!
وإيران مهتمة، هذه الأيام، بأن تعيد تأهيل مطار صنعاء ومدرجاته… كما أنّها سترسل (أيضاً) طواقم طبية.
وهذه مؤشرات لمشروع حرب وبالذات ليصبح المطار مؤهلاً لاستقبال وحدات الحرس الثوري الإيراني للمشاركة في الحرب الأهلية اليمنية التي شنها الحوثيون على الحكومة الشرعية في بلدهم، وعلى أهل اليمن الآخرين الذين يعبّرون عن رفضهم بالتظاهرات اليومية الضخمة ضد الحوثيين.
وإنّها، في تقديرنا، بداية لغرق إيران في المستنقع اليمني، وإن كانت تدخل في إطار تمديد نطاق «الهلال الشيعي» الذي كان عاهل الأردن عبدالله الحسين أوّل من حذّر من مخاطره، ولـمّا كان هذا المشروع قد تعثّر في سوريا بعدما اعترضته القوى المعارضة كلها على الرغم ممّا بينها من اختلافات… ولما كان قد تعثّر أيضاً في العراق بعدما اعترضته «الدولة الإسلامية» (داعش) ولم يسفر عنه سوى تدفيع الأثمان الغالية للشعب السوري وأيضاً للشعب اللبناني جراء كثافة النزوح السوري الى لبنان وتداعياته الإجتماعية والاقتصادية الخطيرة… ولما حدث ذلك فقد اتجه الإيراني الى التعويض في مكان آخر: في اليمن وفي البحرين.
وفي تقدير طهران أنّها تنجح، بذلك، في إقامة نوع من التهديد الأمني والاستراتيجي للخليج عموماً وللمملكة العربية السعودية كون اليمن على حدودها البرية والبحرين على حدودها الشرقية – البحرية ويربط بين الجانبين جسر الملك فهد الذي يربط البحرين بالسعودية عبر المنطقة الشرقية.
ويسعى الحوثيون في محاولة لتخفيف الإحتقان الشعبي ضدّهم في اليمن لإقامة نوع من «التعاون» مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي احتضنته المملكة العربية السعودية ووفّرت له الملاذ وأيضاً العناية الطبيّة الكاملة فأنقذته من موت محتم جرّاء الجروح الخطرة التي تعرّض لها بالحريق الذي نجم عن المتفجرة الشهيرة التي استهدفته في مقر إقامته، ولكن علي عبدالله صالح بات ورقة محروقة ولا قيمة جدّية له.
وجاءت حاجة الحوثيين الى صالح بعدما نجح الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي في التفلّت من قبضتهم والتوجّه الى عدن في جنوب اليمن فتفلّت بذلك من كونه شبه رهينة لديهم يفرضون عليه التواقيع التي يريدونها، ففقدوا هذه الورقة المهمة.
وأمّا إيران فلن يكون أمامها سوى الغرق في مستنقع اليمن الذي سبق أن غرق فيه جمال عبدالناصر في ستينات القرن الماضي حيث أدّى تدخله الى جانب المشير عبدالله السلّال ضدّ الإمام البدر الى ضرب الجيش المصري بخيرة ضباطه وعناصره مما أسهم في التمهيد لـ»نكسة 1967».