لم تظهر على وجه مذيع التلفزيون الرسمي السوري أية علامات القلق عندما بث نبأ سقوط تدمر بيد “داعش” وهو أمر غير مألوف في إعلام لا يبث سوى انتصارات النظام وآخرها في جرود القلمون. وكأن ما حققته “داعش” انتصار للنظام وليس العكس. ولتوضيح الصورة يقول مصدر رافق رئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خوجا في زيارته الى واشنطن أخيرا أن خطة النظام السوري الذي يعمل بتوجيهات طهران أن يقدم ما استطاع من تسهيلات لـ”داعش” لكي يحقق انتصارات وهذا ما ظهر في تسهيل الامر لهذا التنظيم في معارك القلمون الاخيرة عندما راح الاخير يقاتل فصائل المعارضة السورية في عز انطلاق “حزب الله” في عملياته في تلك المنطقة السورية.
في القلمون وفي تدمر مشهدان إعلاميان أكثر مما هما مشهدان حربيان. وزير الداخلية نهاد المشنوق لم تصله معلومات أن حرباً وقعت في القلمون بل مواجهات محدودة في “جيوب”، وما قيل عن وجود آلاف مقاتلي المعارضة السورية لم يظهر أي أثر له. فقط هناك بضعة عشرات من المقاتلين في بلدة فليطا ومحيطها في تلك المرتفعات. وعلى الرغم من ذلك يكبّر الحزب مشهد القلمون فيصله ببلدة عرسال التي صارت الآن عنده قضية كبرى تماثل مزارع شبعا عام 2000. ما سمعه المصدر المرافق لخوجا في واشنطن أن هناك مصالح لإيران في سوريا ومثله لـ”حزب الله” تأخذهما الادارة الاميركية في الاعتبار. وظهر ذلك جليا في زيارة علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الايراني لبيروت قبل أيام. ولم يعد خافيا أن هناك قلقيْن كبيريْن يسيطران على حكام طهران هما: استيعاب تداعيات الاتفاق النووي مع الغرب في نهاية حزيران المقبل وتداعي حكم الرئيس السوري بشار الاسد. وفي تقدير خبراء في الملف الايراني أن الامام علي خامنئي لن يقبل خسارة مزدوجة في النووي والمشروع الامبراطوري الممتد من إيران الى لبنان. وهو عندما سيتنازل في النووي سيتشدد أكثر في الامبراطوري وهذا ما بدأ يظهر في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
في لبنان دأبت اوساط “حزب الله” منذ اندلاع حرب اليمن على القول إن “الذريعة” التي انطلقت منها “عاصفة الحزم” ألا وهي مساندة الرئيس الشرعي اليمني ستقابلها طهران بـ”ذريعة” ما يطلبه الرئيس الشرعي السوري. وتستطرد قائلة إن “ذريعة” مطلوبة في لبنان وهي رئيس جديد للجمهورية. وللوصول الى المبتغى في لبنان يجري تداول سيناريو سبق للبنان وعاشه عام 1976 في ظل الوصاية السورية، كما عاشه عام 1982 في ظل الاحتلال الاسرائيلي واستلهمه “حزب الله” في 7 أيار 2008 فدفع الى مؤتمر الدوحة. ومن هذه التجارب واحدة جديدة لن يكون فيها غير مألوف قيام بضعة مئات من مقاتلي “حزب الله” بـ”مرافقة” النواب الى ساحة النجمة. ويتخوّف النائب عاطف مجدلاني من “سيناريو حوثي” يخرج من القلمون وتدمر رئيس جديد للبنان ويعد السيّد نصرالله بـ”تحريره” في 24 أيار والذي قال النائب رعد أنه العماد عون.