للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية الشاملة ضد بشار الأسد، تخرج من إيران، وليس من غيرها، وعلى لسان أمير موسوي الموصوف بأنه باحث وإعلامي مقرّب من أصحاب القرار، ومن مؤسسة «الحرس الثوري» خصوصاً، رواية كبيرة، وكبيرة جداً، عن احتمال «نقل» العاصمة السورية من دمشق الى طرطوس واللاذقية على الساحل الشمالي!
لهذه التسريبة العجيبة، مقدمة تحكي كلاماً كبيراً أيضاً عن جبهة الجولان، وعن «قرارات استراتيجية» ستتخذها إيران، (إيران وليس الأسد المدّعى) بعد أن طفح الكيل من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة!.. وهذا كلام كبير، لكن الحقائق أكبر. مع أن تلك الحقائق لا تمنع حصول خربشات نارية متبادلة بين الفينة والأخرى، إلاّ إذا أرادت ماكينة الاعلام الممانع أن تقنع الناس، بأن من لا يقدر على استعادة بلدة واحدة في الجنوب السوري من أيدي المعارضة المسلحة، سيذهب الى فتح جبهة الجولان ضد إسرائيل!
ولذلك، فإن المعطى الوحيد الذي يُعتدّ به في هذه التسريبة الحرسية الاستثنائية، هو تمرير «فكرة» نقل العاصمة من دمشق، وبدء تعويد السمع عليها.. وذلك في كل حال أمر يتناغم مع ما يحصل ميدانياً في الشمال السوري، وما تكشّف من مسار انحداري انهياري لكل الآلة السلطوية المقاتلة هناك.. مثلما يتناغم مع بدء رمي كلام «تحليلي» أميركي وأوروبي (أميركي تحديداً) عن بلوغ أزمة الأسد وعصبته مرحلة استعصائية حرجة للغاية.
واللافت هو أن تخرج تلك التسريبة الفتاكة معنوياً وإعلامياً وسياسياً، من إيران نفسها. بحيث أن أحداً، لا في المعارضة السورية ولا في واشنطن ولا في تركيا ولا في أي عاصمة عربية معنية بإنهاء نكبة الشعب السوري، خطرت على باله تلك «النقلة»، لا في سياق التعبئة المضادة ولا في سياق التحليل الناشف والبارد.. والأرجح تبعاً لذلك، هو أن إيران وحلفاءها، أي «حزب الله» أساساً، مهجوسون فعلياً باحتمال حصول انهيار فجائي وسريع للسلطة الأسدية في دمشق، في ضوء تراكم مقدمات ذلك السقوط، ميدانياً واقتصادياً وسياسياً.
والأخطر، هو أن الهاجس المذكور قد يكون عند الايرانيين، أكثر من مجرد احتمال مطروح! وذلك ما يفسّر (ربما) استعجال وزير دفاع الأسد، في الذهاب الى طهران بالأمس…
في كل الحالات «الفكرة» وصلت. وفرادتها (مجدداً) هي في خروجها من إيران. الأمر الذي قد يفسّر بعض أسباب وصول ردود الفعل من قبلها وقبل حلفائها على «عاصفة الحزم»، الى مستوى الهستيريا الخالصة!