إيران جدّية وأكثر في دعمها الجيشَ اللبناني في معركته ضد الإرهاب. الهبة العسكرية التي أعلنَ عنها الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني كانت «أوّل الغيث»، والأهمّ في كلّ الحوارات التي خاضها الرجل مع مَن التقاهم «الزيارة» بحَدّ ذاتها.
بين لبنان وسوريا، كان شمخاني يقول إنّ الجمهورية الاسلامية الإيرانية حاضرة بقوّة في قضايا المنطقة، وإنّ مواجهة الإرهاب على رأس أولوياتها بمعزل عن «التحالف الدولي لمواجهة داعش». طهران تعتبر هذا الحلف غير شرعي، وتعتبر أنّ واشنطن في مكانٍ ما تقف خلف «داعش» وأخواتها.
القيادة السورية لاقت الموقفَ الايراني وتطابقت معه، بعد «الإرباك» الإعلامي الذي حصل، وصوَّر تبايناً في مواقف «محور المقاومة». الرئيس بشّار الأسد قال بعد اللقاء: «إنّ مواجهة الفكر التكفيري المتطرّف الذي ينشره الإرهابيون وتُغذّيه بعض الدول الإقليمية لا تقلّ أهمّية عن محاربة أولئك الإرهابيين الذين يعيثون قتلاً وخراباً ويدمّرون الإرث التاريخي والحضاري للشعوب أينما حلّوا».
عند نقطة تحميل مسؤولية الإرهاب لواشنطن وحلفائها، تطابَق الموقف السوري الايراني. وفي المعلومات أنّ «دمشق وطهران اتّفقتا على تفعيل التعاون الامني والعسكري في مجال مكافحة الإرهاب، ومراقبة الموقف الدولي والاقليمي في «الحلف على داعش» ومواكبة المستجدّات المتوقّعة، ومن ضمنها احتمالات بدأت تلوح في الأفق على الحدود الشمالية».
في لبنان تركّزَت زيارة شمخاني على دعم الجيش اللبناني والمقاومة اللبنانية، وعبّرت إيران عن هذا الدعم بهبة عسكرية كبيرة للجيش. وفي المعلومات أنّ طهران ستواكب هذه الهبة بمساعدات وهبات من الذخيرة وقطع الغيار والمعدّات التي تحتاج لصيانة من الهبة العسكرية، والأهمّ أنّ الضَيف الايراني اعلنَ امام رئيس الحكومة تمام سلام استعداد بلاده لتزويد لبنان بكلّ ما يحتاج اليه على صعيد مواجهة الارهاب، وكان رئيس الحكومة مرحّباً بالخطوة الايرانية وشاكراً هذه الخطوة الأخوية من طهران تجاه بيروت.
وحتى تصبح الهبة العسكرية الايرانية واقعاً ملموساً، لا بدّ أن يوافق عليها مجلس الوزراء، وهذا الأمر من المتوقع أن يحدث بسلاسة، نظراً إلى إعلان كلّ القوى السياسية وقوفَها الى جانب الجيش وترحيبها بأيّ مساعدات تأتيه من أيّ جهة. وكما جرى الترحيب بالمساعدات السعودية سيجري الترحيب ايضاً بالهبة الايرانية وبلا شروط، كما قال وزير في الحكومة.
من شأن المعدّات العسكرية التي قدّمتها ايران إلى الجيش تعزيز موقفه في مواجهة الارهاب وفي ايّ معركة مقبلة. من يعرف السلاح الايراني وتعدّده وتنوّعه وقدرته على محاكاة أحدث أنواع الاسلحة في العالم، لن تبقى لديه أسئلة وشكوك حول الهبة، إلّا إذا أراد اتّخاذ موقف سياسي. وهذا متوقّع من بعض القوى الهامشية على الساحة اللبنانية، أمّا القوى المشاركة في الحكومة فهي محكومة بالتعامل الايجابي مع «المكرمة» الايرانية كما تعاملت مع سابقاتها من هبات قدّمتها الدول إلى لبنان.
على اهمّيتها ليست «الهبة العسكرية» أهمّ ما جاء في زيارة شمخاني الى لبنان. تنسيق المواقف مع المقاومة ودمشق في حقبة «الحلف الغربي الخليجي ضد داعش» كان في أولويات النقاش بحسب مطّلعين، وإيران التي تلعب دوراً إقليمياً كبيراً ولها موقعها المتقدّم في الحرب على الإرهاب، عينها على ما بعد بداية القصف الاميركي على العراق وسوريا، وتقرأ في اهداف واشنطن الفعلية وتواكبها بحذر وتتوقّع الأسوأ دائماً.