Site icon IMLebanon

رسالة إيرانية بـ”البريد الأوروبي”: لن يُهزم “الحزب” و”إسرائيل” ستصرخ

 

 

لا يختلف اثنان على وصف اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالضربة الكبرى ليس للحزب فحسب، بل لمحور المقاومة برمته، ما فتح سيلاً من التساؤلات حول مصير «الحزب الجبار» الذي ارتبط اسمه بصنع الانتصارات ورسم مشهد القوة في المنطقة، ومدى قدرته على الاستمرار في مواجهة الحرب الشاملة الإسرائيلية- الأميركية «الدولية» للقضاء عليه وعلى القوة والدور الداخلي والإقليمي الذي تمتع بهما طيلة عقود خلت!.

مصدر مطلع على الوضع المستجد في حزب الله يؤكّد لـ«الجمهورية» أنّ حزب الله ليس تنظيماً عادياً يمكن القضاء عليه عبر سلسلة اغتيالات، ولو كانت بحجم اغتيال أمينه العام وقيادات رفيعة، لأنّ الحزب أمّة ونهج وعقيدة، وهو يملك مجموعة من صمامات الأمان تبدأ بالثقة بالبنية القيادية والجهادية والعسكرية والفكرية في الحزب والاستناد الى حاضنة شعبية لم تترك المقاومة في أصعب المراحل، والظهير الصلب المتمثل بالجمهورية الإسلامية في إيران.

 

وإن كان يُشكّك كثُر بإمكانية الحزب إعادة النهوض من «حزمة الضربات القاتلة» وفق المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي للقضاء على حزب الله بالضربة القاضية، فإنّ مصدراً على صلة بالحراك الديبلوماسي الإيراني في لبنان والمنطقة يطمئن عبر «الجمهورية» الى أنّ حزب الله لن يسقط مهما كبُرت المصائب وتعاظمت المؤامرات، لأنّه تنظيم جهادي مقاوم لا يرتبط بأشخاص مهما علا مقامهم. ويُقدّم المصدر الجمهورية الإسلامية في إيران نموذجاً، كيف أنّ رحيل مؤسسها الإمام الخميني لم يُسقط الثورة ولا الدولة ولا الشعب ولا النهج والعقيدة، بل أصبحت إيران اليوم قوة إقليمية كبرى.

 

ويُجري المصدر تشبيهاً بين إيران وبين حزب الله الذي لن يُهزم كما يتوهم كثُر. وعلى هامش زيارة الديبلوماسية الإيرانية الى بيروت، بعث أحد المسؤولين برسالة عبر «البريد الأوروبي السريع» وصلت الى السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو مفادها: «لا تتوهمون بأنّ حزب الله سينتهي وأنّ الأميركيين وحلفاءهم يستطيعون إقامة نظام إقليمي جديد على أنقاض حزب الله ولبنان، فالحزب لن ينتهي ولن يصرخ أولاً، وعندما يصرخ الإسرائيلي سيرسلكم الأميركيون الينا للتفاوض على مخرج لـ»إسرائيل».

 

ووفق معلومات «الجمهورية»، فإنّ الاتصالات والرسائل غير المباشرة مقطوعة بين الأميركيين والإيرانيين في ملف الحرب الإسرائيلية على لبنان، باستثناء تبادل رسائل بينهما عبر وكلاء واشنطن وحلفائها من الدول الأوروبية والعربية. لكن المصدر يشير إلى أنّ لا أفق حتى الساعة لنهاية الحرب الإسرائيلية على لبنان وغزة، وقد تطول بضعة أشهر، والأمر مرتبط بتطورات الميدان التي ستخلق موازين قوى جديدة تفرض على حكومة الاحتلال العودة الى طاولة المفاوضات لوقف إطلاق النار، وترتبط باليوم التالي للحرب عند حكومة نتنياهو.

 

ويشير الى أنّ الولايات المتحدة تعتبر أنّ حليفتها إسرائيل تحقق إنجازات عبر حرب الاغتيالات لقيادات حزب الله والتدمير الممنهج للقرى الجنوبية والبقاع والضاحية الجنوبية، وتستطيع الاستمرار في الوتيرة نفسها لفرض الشرق الأوسط الجديد. وبالتالي ترى المصادر أن ليس الوقت للتفاوض وتقديم التنازلات، لكن مع مرور الوقت سيكتشف صنّاع القرار في إسرائيل وواشنطن بأنّهم لم يحققوا أهداف الحرب، ويوسعون مأزقهم الكبير، وسيعود الانقسام الداخلي في الكيان حول الحرب على لبنان ليضغط على حكومة نتنياهو لتبدأ بالصراخ، وحينها سيبعث الأميركي الوسطاء إلى طهران للتدخّل مع حزب الله لوقف إطلاق النار لإيجاد مخرج للمأزق الإسرائيلي. وإذ تستند طهران الى جملة عوامل ومتغيّرات إقليمية ودولية تجعلها مطمئنة الى نتائج هذه الحرب بأنّها ستكون لمصلحة حركات المقاومة في المنطقة والقضية الفلسطينية، تقلّل من أهمية التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات كبيرة لإيران رداً على العرض الصاروخي الإيراني الأخير الذي أرهب الكيان الاسرائيلي.

 

وتشير الأجواء الإيرانية في هذا الصدد الى أنّ هناك خشية كبيرة في الكيان من الردّ بلا الدعم الأميركي والمقيّد بمجموعة من التعقيدات والحسابات الدقيقة، لأنّ أي حماقة إسرائيلية ستدفع إيران الى الردّ بأضعاف الردّ الأخير، حيث أنّ آلاف الصواريخ البعيدة المدى معدّة للإطلاق على كل الكيان الاسرائيلي، ما يلحق أضراراً هائلة ترسم زواله. وإن كان التقييم في طهران هو أنّ الولايات المتحدة ليست في صدد الدخول في حرب إقليمية تهدّد كل المنطقة، لكن القيادة الإيرانية اتخذت كل الإجراءات والاستعدادات للردّ على أي عدوان إسرائيلي عليها. وينفي المصدر أن يكون وزير الخارجية الايراني عباس عرقجي ناقش مع الرئيس ميقاتي فصل الجبهة الجنوبية عن جبهة غزة وتطبيق القرار 1701.

 

ويؤكّد أنّ السيد نصرالله لم يوافق قبل اغتياله على فصل الجبهات، بل وافق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً تجري خلالها مفاوضات لوقف الحرب على جبهتي غزة وتطبيق القرارين الأمميين الـ1701 و2735. ويُثني المصدر الإيراني على دور بري في إدارة العملية التفاوضية، ويشدّد على وحدة الصف الشيعي وتفويض حزب الله لبري كما كان الوضع بين بري ونصرالله، منوّها بكلام نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الأخير.

ويشير المصدر الدبلوماسي الى أنّ التواصل عالي المستوى بين أطراف محور المقاومة، وقد زار عرقجي الرئيس السوري بشار الأسد منذ أيام، ووفق المصادر فإنّ البحث تركّز على تطورات الوضع في لبنان، وكان هناك توافق في وجهات النظر حول ضرورة القيام بكل شيء لوقف العدوان. ونوّه بدور سوريا في تسهيل دخول النازحين الى أراضيها وتقديم المساعدات الإنسانية لهم. لكن المصدر يختم حديثه بالتحذير من «أنّ سوريا مستهدفة بشخص رئيسها بشار الأسد، وقد نكون أمام تطورات ساخنة في الأسابيع والأشهر المقبلة على مستوى المنطقة».