Site icon IMLebanon

متى ستردّ إسرائيل على «الضربة» الإيرانية وكيف وأين؟

 

 

فرض الردّ الصاروخي الإيراني “المثلث” في أسبابه وأهدافه في اتجاه الاراضي الاسرائيلية قراءة جديدة لشكل النزاع المتدحرج منذ عام في المنطقة، انطلاقاً من شرارته الاولى في غلاف غزة وامتداداً إلى الساحات الأخرى، بما عبّر عنه من مؤشرات تنبئ بالحرب الشاملة إن تطورت العمليات العسكرية. وفي انتظار معرفة توقيت الردّ الإسرائيلي “الحتمي” وشكله ومضمونه في اتجاه أراضٍ ومصالح ايرانية، تعدّدت السيناريوهات المتداولة في ظلّ التهديدات المتبادلة. وهذه بعض المؤشرات.

بقليل من الإهتمام الدولي وبعيدًا من ذلك الذي رافق المواجهة الأولى بين طهران وتل أبيب في 13 نيسان الماضي بعد اسبوعين على اغتيال المستشارين الإيرانيين الخمسة في قنصلية بلادهم في دمشق، ردّت ايران اول امس على ثلاثية الإغتيالات الاخيرة، بثلاثية مماثلة من الأهداف العسكرية الاسرائيلية. فالعملية برّرتها طهران بأنّها رداً على اغتيال ثلاثة من أذرعها والضيوف، بدءاً باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في قلب طهران ليل 30 – 31 تموز الماضي، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ومعه نائب قائد الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق القدس في جنوب لبنان عباس نیلفروشان مساء 27 أيلول الماضي.

 

ولذلك، حدّدت طهران اهدافاً عسكرية ثلاثة استهدفتها بأبعد الصواريخ مدى، وفاعليتها المعروفة بـ «فتاح» المتميزة بكونها من الاسلحة الفرط صوتية التي تُستخدم للمرّة الاولى منذ التجارب التي أجرتها على أراضيها قبل عامين. وهي ثلاثة قواعد عسكرية رئيسية هي قاعدة «نيفاتيم» الجوية التي تشكّل اكبر تجمع لطائرات الـ«F35»، قاعدة “حتسريم” الجوية وقاعدة «تل نوف» الجوي إضافة إلى مقر جهاز الموساد ومواقع الرادار في الأنظمة الدفاعية التي توجّه صواريخ «آرو-2» و«آرو-3»، كما قال التلفزيون الإيراني نقلاً عن رئيس الأركان في القوة الجو – فضائية.

 

على هذه القاعدة المتناسقة التي تمّ الاستناد إليها على قاعدة 6 و6 مكرّر بين الاسباب والأهداف التي يتقنها العقلان الإيراني والإسرائيلي في تفسيرهما للقرارات التي تُقدم عليها بمعادلات حسابية، بُنيت السيناريوهات المتعددة الوجوه والمخاطر المرجحة في الساعات المقبلة. فحتى كتابة هذه السطور، ورغم مرور 18 ساعة على الردّ الإيراني، لم يُسجّل اي عمل اسرائيلي يشكّل رداً مباشراً على مجمل التهديدات الايرانية والمخاطر الجسيمة التي تسببت بها عشرات الصواريخ المجنحة التي وصلت إلى اراضيها، لمجرد تجاوزها العوائق المنصوبة أمامها من جنوب غرب ووسط إيران باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. ذلك انّ عشرات منها عبرت الغلاف الجوي العراقي والسوري كما الاردني. وإن اعترفت اسرائيل بأنّ 181 صاروخاً بلغت غلافها الجوي، فإنّ المراجع الإيرانية لم تعلن عن عدد صواريخها. لكن وسائل اعلام اميركية أحصت نقلاً عن مسؤولين اميركيين إطلاق 220 صاروخاً على دفعتين. ولما قيل إنّ الأولى منها ضمّت 102 صاروخ، فإنّ اي إحصاء لم يحتسب في الدفعة الثانية تلك التي أُطلقت من اليمن، بعدما أعلن الحوثيون عن دفعة ثلاثية باتجاه أهداف حيوية لم يسمّوها.

 

وعلى قاعدة هذه الإحصائيات بالارقام، بقيت النتائج التي انتهت اليها من الجانب الاسرائيلي سراً من الاسرار غير المسموح البوح بها، ولكن تقارير استندت الى مشاهدات مواطنين محليين وتغريداتهم، قالت انّ اياً من الصواريخ لم تُصب المواقع الاساسية المستهدفة، ولم تحدث فيها اي اضرار تُذكر، فيما تعددت الروايات التي تحدثت عن حرائق في أحياء وضواحي تل أبيب وفي الجنوب قرب قاعدة «نيفاتيم» الجوية. وكل ذلك جرى في وقت ذكرت فيه شبكة “سي إن إن” الاميركية أنّ تحليل مقاطع فيديو أظهر أنّ أحد الصواريخ الإيرانية انفجر على بعد أقل من كيلومتر واحد من مقر الموساد في تل أبيب.

وتعليقاً على هذه المجموعة من المعطيات، رأت مصادر ديبلوماسية واستخبارية في تقارير تحليلية عدة لها، انّ الإشارة الى الأضرار في الجبهة الاسرائيلية الداخلية باتت واجبة الوجوب، لقياس النتائج المترتبة على الضربات الايرانية، وتلك التي تقوم بها حليفاتها من العراق واليمن ولبنان وما يمكن أن تلحقه من أضرار مادية وفي الأرواح. وكل ذلك لتبيان الفروقات بين ما تتسبب به العمليات ضدّها وما تلحقه بالمحور كاملاً، وهو ما يشكّل رسائل باتجاه الخصوم والحلفاء، للتأكيد على قدرتها على حماية مواقعها وقواعدها الحساسة المستهدفة، ولتسقط التوقعات التي أطلقها «محور الممانعة» بالقدرة على تعطيل مطاراتها عند تفسيرها لاتفاقيات مزعومة عقدتها إسرائيل مع قبرص لاستخدام مطارات وطنية وبريطانية على اراضيها، تعويضاً عمّا يمكن إخراجه من الخدمة، وهو ما نفته السلطات القبرصية والبريطانية ومسؤولون من الإتحاد الأوروبي، لاستيعاب الحملات الكبيرة التي استهدفت الجزيرة وهدّدت علاقتها بجاراتها المتوسطية القريبة.

 

ولذلك، قالت هذه المصادر عينها، انّ اسرائيل التي رفعت من لهجة تحذيراتها تجاه السلطات الايرانية وصولاً إلى قول رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو انّ «ما ارتكبته طهران من أخطاء لم تقدّر نتائجها بعد». ومعها تلك التي أطلقها رئيس أركانه هرتسي هاليفي، فإنّ طهران أبقت على أجوائها مقفلة حتى ظهر امس، قبل ان تؤكّد بأنّ عمليتها انتهت، واي خطوة اخرى ستُبنى على الردّ الاسرائيلي مع التعهد المسبق بعدم السماح بالمسّ بقدراتها النووية او النفطية الحيوية، وهو ما اطلق مجموعة من التوقعات التي قالت انّ اي ردّ إسرائيلي لا بدّ ان يستهدف مثل هذه المنشآت ليكون مؤثراً بهدف الحؤول دون اي ربط بين عملياتها في لبنان وسوريا واليمن بالردّ الإيراني والفصل بينهما نهائياً.

 

على هذه الوقائع ما يمكن أن تقود إليه من نتائج، تُبنى المؤشرات لشكل المواجهة المقبلة بين تل أبيب وطهران، كما الحديث عن حرب شاملة تُستدرج اليها واشنطن. ولذلك حسمت التقارير الواردة منها انّ المشاركة الأميركية لم تتعدّ استخدام 12 صاروخاً حالت دون عبورها الأجواء العراقية والسورية منها، ورجحت أنّ مواقع وقواعد فرنسية وبريطانية شاركت في تدمير الباقي منها، فيما تاه بعضها في صحارى العراق والأردن وسوريا، وبلغ بعضها مياه شرق المتوسط، لتوحي بأنّ الضربة لم تكن من الدرجة التي تُستدرج فيها الى حرب أوسع مما جرى مع كل ردّ إيراني على استهداف اسرائيلي، والعكس صحيح.