لم يكن اللبنانيّون يحتاجون إلى خطاب جديد متلفز لرئيس البلاد لم يقعوا فيه على كلمة تقدّم ولا تؤخّر ولا تخفّف عن كاهلهم البلاءات المتلاحقة على وجه العهد وسيّده، خصوصاً وأنّ هذا الخطاب لم يقل شيئاً نزولاً عند رغبة وفيق صفا، مسؤول وحدة التنسيق والارتباط، بعد اجتماعه مع “الوريث المرجو” جبران باسيل، عمليّاً لا يحتاج الرئيس ميشال عون إلى من يوسوس في أذنه فكيف الحال إذا اجتمع على أذنه صهره المدلّل، فهذا العهد قد لا ينتهي قبل أن يبلغ لبنان الخراب!
اليوم الجميع يعلم أن المشهد برغم هدوئه غير المعهود هو مشابه للأفق المسدود عام 1990. دول العالم كلّها أرادت مساعدة لبنان، ولكن ولأنّ العند يورث الكفر وصلنا إلى 13 تشرين، ولم يكن هناك يومها حلم تحقّق ولا رئاسة تمّ نيلها، ولم يكن هناك الوريث جبران، اليوم كلّ هذه موجودة لكنّنا نعايش تجربة الصهر الذي يسعى للإمساك بالرئاسة والبلاد وإن ادّعى غير ذلك. بالرّغم من كلّ الكوارث التي يعيشها لبنان يبقى منع انعقاد جلسة للحكومة هو الواقع السياسي الأكثر إجراماً بحقّ اللبنانيّين!!
ما الّذي بإمكان حكومة نجيب ميقاتي الممنوعة من الاجتماع أن تفعله للبنان الغارق في مستنقعات من المشاكل المعقّدة التي لا حلول لها؟! الإجابة عمليّاً “ولا شي”.. وحتى وإن أقلع الذين يمنعون اجتماع الحكومة ويهددون باستقالة وزرائهم عمّا يفعلونه، واجتمعت حكومة “معاً للإنقاذ” ما الإنجازات التي ستحقّقها لإنقاذ اللبنانيّين؟ لا شيء.. خصوصاً إذا ما تغاضينا عن نجيب ميقاتي تغطية السّموات بالقبوات وهو يدافع عن حزب الله باعتباره حزب سياسي! سوداويّة المشهد اللبناني كالحة إذ لا يجد الفرقاء السياسيّون ما يشغلون به الشعب اللبناني عن الواقع المأساوي الذي بلغته البلاد، سوى الخطابات والمؤتمرات الصحافية ليغسل كلّ مسؤول يديه من مسؤوليته الثقيلة، هذا عدا عن مناوراتهم المعروفة كلّ مرّة باستحداث أزمة جديدة يفتعلها فريق ما فينخرط الجميع في جنون الأخذ والردّ والهجوم والهجوم المضاد، لإغراق الجميع وإلهائهم عن حقيقة الواقع الخطير إلى متى عبثيّة سياسة إرتجال والهروب إلى الأمام؟!
أثبتت السنوات الخمسة عشر الماضية أنّنا شعب غير مؤهّل حتى الآن ليحكم نفسه بنفسه، وأنّه محتاج دائماً لمحتلّ أو مستعمر يسيّر الحياة السياسيّة فيه، وأنّنا شعب نتشدق بالحريّة والديموقراطيّة ورغبتنا في العيش في دولة مدنيّة ونحن شعب زيت الطائفيّة يرشح منه من رأسه حتى قدميه، يحتاج لبنان إلى طائف جديد أخشى ما نخشاه أن يحمل إسم اتفاق طهران، المتكلّم الوحيد في هذا البلد هو أمين عام حزب الله، وعند كلّ أزمة أو مفترق أو مواجهة سياسيّة سيتمّ تعطيل عمل المؤسسات طالما أنّ حزب الله لم يحكم البلد سيبقى مسيطراً على المؤسساته الثلاث بالتعطيل، نحن نشاهد منذ خمسة عشر عاماً فيلم إيراني طويل!