Site icon IMLebanon

الإيراني يفاوض «التكفيري» على عَينك يا.. «حزب الله»

منذ شهرين تقريباً، تم تسريب معلومات تتعلق بمفاوضات مُرتقبة بين «حزب الله» و«جبهة تحرير الشام» (النُصرة سابقاً) تتعلق بالإفراج عن أسرى لدى الطرفين وجثث عناصر، وذلك من خلال مسعىً تقوم به دولة قطر الساعية لإطلاق سراح 26 صياداً، جلّهم من مواطنيها، كانوا قد خُطفوا في العراق في كانون الأول عام 2015. واليوم يبدو أن المفاوضات بين الطرفين بدأت تتبلور بشكل أوضح وأعمق وأوسع خصوصاً بعدما شملت نقطة سبق أن جرى البحث بها، تتعلق بإخراج سكان بلدتَي «الفوعة» و«كفريا» الشيعيتين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، مقابل إخراج ما تبقّى من مقاتلي المعارضة من بلدات «الزبداني» و«مضايا» و«بلودان» في ريف دمشق إلى شمال سوريا.

المفاوضات التي يحضرها ممثلون عن «حزب الله» و«الحرس الثوري الإيراني»، سوف يبدأ تنفيذها خلال الأسبوع الأوّل من الشهر المقبل على أن تكون الخطوة الأولى بعبور سكان «الزبداني» باتجاه الشمال السوري على أن يُلاقي هذه الخطوة، خروج مُسلّحين ومواطنين من بلدتي «الفوعا» و«كفريا» باتجاه «الزبداني» وبعض قرى القلمون التي سبق للحزب أن احتلها في بداية تدخّله في الحرب السورية وعلى رأسها مدينة «القصير». ومن بعد هاتين الخطوتين، يتم تنفيذ الخطوة الأهم وهي الإفراج عن أسرى وجثث لعناصر من كلا الطرفين، ومن المعروف أن لـ «حزب الله» ثلاثة عناصر كانت «النصرة» قد أسرتهم في احدى معارك ريف حلب الشمالي.

على الرغم من أنها ليست المرّة الأولى التي يدخل فيها «حزب الله» في مفاوضات مُباشرة مع الفصائل المسلحة «التكفيرية»، إذ سبق له أن دخل في مفاوضات مع حركة «أحرار الشام» في اسطنبول، إلّا أن الملاحظ هو إدارة ضبّاط كبار من «الحرس الثوري الإيراني» لعملية التفاوض التي تحصل اليوم في قطر، تماماً كما سبق وحصل في اسطنبول، وهذا ما يؤكد للمرة المئة بعد الألف، أن وجود الحزب في سوريا أو خروجه منها، ليس قراراً ذاتياً، إنما مرتبط بقرار قيادة «الحرس الثوري» الذي يُدير دفّة المعارك في سوريا وإدارة سيرها على الأرض وتحديداً داخل البلدات المحاذية للحدود اللبنانية – السورية. وفي هذا السياق، لوحظ أن ثمة استياء كبيراً يسود بيئة «حزب الله» لسببين: الأوّل أن الإيراني هو الذي يقود المفاوضات على حساب دماء وجثث أبناء هذه البيئة. أمّا السبب الثاني، فيتعلّق بطبيعة التفاوض نفسه، إذ أنه كيف يُمكن لقادة في الحزب أن يجلسوا مع قَتَلَة بشكل مباشر ومن دون أي وسيط خصوصاً وأن العديد من جثث عناصر الحزب، ما زالت لدى «النصرة» حتى اليوم.

ما يجري اليوم من مُخطّطات كانت قيادة «حزب الله» وضعت جميع كوادرها وعناصرها في سوريا ولبنان في أجوائه منذ سنتين تقريباً. فيومها أكدت لهم إستحالة السيطرة على الوضع الميداني السوري برمّته أو أقله إسترجاع مناطق وبلدات كانت قد سقطت بأيدي الثوار. وهي دعتهم يومهاً للانتقال إلى (الخطة ب) التي تدعو إلى الإستماتة في الدفاع عن بلدات واقعة على الحدود اللبنانية. ومن هنا يُمكن القول أن الإشتباكات العنيفة التي حصلت على مدى اليومين السابقين في الجرود بين الحزب والنصرة، كان هدفها تحسين شروط التفاوض القائمة بين الطرفين في قطر. علماً أن هناك كلاماً صدر عن جهات عدة، يؤكد أن بعض المفاوضين من «النصرة»، سبق أن كانوا منضوين تحت لواء تنظيم «القاعدة» الذي كان يتزعمه اسامة بن لادن قبل أن يُقتل وتنتقل القيادة بعدها لأيمن الظواهري.

من المؤكد، أن المُتغيّرات اليوم على الأرض، قد بدأت تفرض نفسها بقوة على المشهد السوري وتحديداً بدءاً من القلمون وصولاً إلى حلب، وذلك بعد أن كُشف القناع عن تجار السياسة الذين تحضّروا واستعدوا لهذه اللحظة لتنفيذ مُخططهم الرامي إلى إفراغ شرقي حلب من سكانه. ويبدو أن في المُخطط ما يُنذر بتقسيم المدينة إلى شطرين إذ لا حياة اليوم في المدينة المنكوبة ولا بُنى تحتية ولا ما يدل على انها قابلة للحياة، وكأنها تعرضت لتدمير مُمنهج الغرض منه تحويلها إلى «قصير» أخرى أو إلى منطقة عسكرية يُمنع دخولها تحت أي ظرف كان. ومن شأن هذا المُخطط أن يدفع بتسريع عملية التقسيم لا على أساس «سوريا المُفيدة» فقط، بل السيطرة على المُدن إلى أن يحين لاحقاً موعد «تحرير» الأرياف.

واليوم، بدأ أهالي «الزبداني» و«مضايا» يستشعرون بخطر حقيقي يُداهمهم، مُرتبط بعملية تغيير ديمغرافي من جرّاء التبادل السُكاني المُزمع حصوله، وذلك بهدف تأمين الحزب جناحه الأيمن وخطوط امداداته العسكرية من خلال فتح طريق يربط جنوب لبنان بشماله (البقاع) ذات الغالبية المؤيدة له عبر الاراضي السورية على أن تكون القرى أو البلدات التي سيمر عبرها المخطط، غير خاضعة لسكان من غير الطائفة الشيعية. ويُعبّر هؤلاء عن مخاوف إضافية تتمثّل بإستيلاء «حزب الله» على منطقة الزبداني بقراها السبع وتحويل أسماء الذين سيخرجون من المنطقة إلى القضاء السوري وادراجهم تحت قانون الإرهاب وإصدار قرارات بحقهم تمهيداً لمصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة والإستيلاء عليها من قبل الحكومة السورية. وتلي هاتين الخطوتين، خطوة أخيرة تهدف إلى إسكان المهجرين من «الفوعة» والميليشيات الداعمة للنظام في هذه الممتلكات.