«أخيراً سنحصل على شيء»، هكذا ردّ وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف على أسئلة الصحافيين لدى خروجه من جلسة محادثات ثنائية مطوّلة مع نظيره الاميركي جون كيري في إطار مفاوضات الملف النووي. جملة قد تختصر التطوّر النوعي في العملية التفاوضية ما يُبشّر باتفاق بين الطرفين ينتظر أن يُعلن عن تفاصيله نهاية آذار الجاري
جولة المفاوضات التي بدأت الأحد الماضي في فندق قصر البوريفاج في مدينة لوزان السويسرية شهدت اللقاء السابع بين ظريف وكيري، وسادت فيها أجواء التفاؤل من الجانبين، خصوصاً أنّ التصريحات الايرانية بَدت شديدة التفاؤل، وأشارت الى تجاوز عقبات أساسية، قد يكون أهمّها ما قاله ظريف إنه «قد تمّ تحديد آفاق لكلّ القضايا. إقتربنا في بعض القضايا من التوصّل الى حلّ وعلى هذا الاساس يمكننا القول إنّ الحلول في المتناول وما زالت هناك بعض الثغرات والفواصل».
ظريف الذي غادر المفاوضات أمس، انتقل الى بروكسل لعقد مفاوضات موازية مع وزراء خارجية المجموعة الاوروبية المعنية بالمفاوضات: فرنسا وبريطانيا والمانيا، في حين استمرت المفاوضات في لوزان على مستوى الوفود المفاوضة، مع بقاء كيري لاستئناف العملية التفاوضية مع ظريف اعتباراً من صباح اليوم.
وتأتي أهمية اللقاء بين ظريف والمجموعة الاوروبية، وهو اللقاء الأول على هذا المستوى في بروكسل، على خلفية التقدّم الذي حصل في الجزئية التقنية، ما يعني أنّ لقاء بروكسل سيبحث في العقدة الاساسية المتعلقة بآلية رفع العقوبات عن ايران.
ومن المعروف أنّ للاتحاد الاوروبي عقوبات منفصلة عن العقوبات التي فرضها مجلس الامن الدولي عام 2012 وتتركز تحديداً على استيراد النفط من ايران وتجميد أصول للبنك المركزي الايراني، بالإضافة الى وقف التحويلات المصرفية.
مفاوضات لوزان أمس بحثت في المسائل التقنية والعقوبات، وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية علي اكبر صالحي إنّه متفائل جداً باستمرار المفاوضات: «في كل مرة نجتمع مع الجانب الاميركي نحرز تقدماً ما، وهذه علامة جيدة».
وأشار كبير المفاوضين الايرانيين عباس عراقجي الى أنّ «الخلافات تبرز في بحث الجانب التقني وكذلك السياسي، ولا شك في انّ بحث التقنيات يمكنه المساعدة في المباحثات السياسية، والهدف الاساسي لنا الآن هو تضييق الخلافات والتوصّل الى اتفاق».
تستمر هذه الجولة حتى يوم الجمعة المقبل، على رغم التشويش، الذي حاولت رسالة الجمهوريين في الكونغرس الاميركي الى الجمهورية الاسلامية، بَثّه، خصوصاً القول إنّ أيّ اتفاق مع ايران سيتمّ نقضه والتراجع عنه فور انتهاء مهلة حكم الرئيس الاميركي باراك اوباما.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر قريبة من الوفد الايراني أنّ موضوع الرسالة أثير على طاولة المفاوضات في لوزان، وأنّ ظريف طلب من كيري ايضاحات بشأنها وتحديد الموقف الاميركي منها بشكل واضح ونهائي.
وأشارت مصادر أميركية في جنيف إلى انه لا يجب الخوف من مضمون الرسالة «لأن لا سابقة في التاريخ الاميركي بإلغاء اتفاق دولي من هذا النوع، خصوصاً أنّ تراجع البيت الابيض عن اتفاقات مماثلة يمسّ بمصداقية الرئاسة الاميركية وبوزنها الدولي، وهذا أمر مرفوض حتماً»، ورأت أنّ مضمون هذه الرسالة يبقى خارج طاولة المفاوضات، لأنّ المتفاوضين يركزون على إحراز تقدم واستبعاد «كلّ ما من شأنه خلق تشويش في غير موضعه».
وعزّزت تصريحات صدرت عن البيت الابيض فرضية قرب التوصّل الى اتفاق في شأن ملف ايران النووي، وأشارت الى انه «سيكون موضع تصويت في مجلس الامن الدولي». وقال الامين العام للبيت الابيض دنيس ماكدونوف: «صحيح أنّ الكونغرس وحده يحقّ له إنهاء قوانين العقوبات بحق ايران، كذلك فإنّ مجلس الامن الدولي وحده يمكنه إنهاء العقوبات الدولية بحقها».
وأضاف: «بما انّ المفاوضين الاساسيين هم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فإنّنا نتوقع أن يُصوّت مجلس الأمن على قرار لإظهار دعمه لأيّ اتفاق وتعزيز الشرعية الدولية».