IMLebanon

ما الفرق بين المفاعل النووي العربي… والمفاعلات الايرانية؟  

 

 

هذا السؤال يطرح نفسه لسبب بسيط وهو، ان المفاعل النووي العراقي قد تمّ تدميره عام 1981 بضربة من الطيران الاسرائيلي.

 

اما المفاعل النووي السوري فقد رفضه الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما عرضت إيران أن تدفع 4 مليارات دولار لبنائه في سوريا، معلناً ان النظام السوري لا يستطيع أن يحمي بناء مفاعل نووي في سوريا لأنّ إسرائيل ستقوم بتدميره.

 

بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد وتسلم ابنه بشار جاء وفد إيراني الى سوريا عام 2003 وعرض عليه تمويل بناء مفاعل نووي في سوريا فوافق فوراً.

 

في عام 2005 اكتشفت إسرائيل من خلال التجسّس على المكالمات الهاتفية ان هناك عشرة آلاف اتصال بالموبايل بين دير الزور وبين كوريا الشمالية خلال شهر، ما اثار المخابرات الاسرائيلية التي أخذت تراقب التحرّك السوري. وبالفعل استطاع “الموساد” رصد ضابط سوري كبير وصل الى لندن ووضع أغراضه في أحد الفنادق ثم انتقل الى السفارة السورية في لندن.

 

دخل “الموساد” الى غرفة الضابط واستطاع تفريغ الكومبيوتر الخاص به وفيه كل المعلومات عن المفاعل النووي السوري… وبعد الانتهاء من التفريغ، وضع “الموساد” قطعة في الكومبيوتر تمكّن إسرائيل من الحصول على أي معلومات حول المفاعل النووي السوري.

 

وبالفعل، ذهب الاسرائيليون الى أميركا ووضعوا أمامها جميع المعلومات التي حصلوا عليها، ولكن أميركا طلبت إثباتاً عينياً، لذلك قامت فرقة من “الموساد” بعملية عسكرية الى دير الزور وحصلت على العينات من المفاعل النووي السوري وأعطوها الى الاميركيين الذين وافقوا على ضربة عسكرية بالطائرات وتدمير مفاعل النووي السوري عام 2006.

 

هكذا تم تدمير المفاعل النووي السوري، وهذه الرواية نشرتها صحيفة “الغارديان” البريطانية.

 

اما البرنامج النووي الايراني فقصته مختلفة، إذ يبدو ان هناك علاقات ومصالح بين أميركا وإيران تحول دون تدميره في مهده. وأكثر من ذلك، فإنّ ثمة شبهة بعلاقات سرّية بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، تسمح بأن يستمر البرنامج النووي الايراني من دون عقبات، حتى ان وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن أعلن قبل أيام ان إيران قادرة على إنتاج مواد انشطارية بهدف صنع قنبلة نووية “خلال أسبوع أو اثنين”.

 

وقال بلينكن خلال منتدى في كولورادو (غرب) إن “الوضع الراهن ليس جيداً. إيران، بسبب انتهاء الاتفاق النووي، بدل أن تكون على بعد عام واحد على الأقل من القدرة على إنتاج مواد انشطارية لصنع قنبلة نووية، هي الآن على الأرجح على بعد أسبوع أو اثنين من القدرة على القيام بذلك”.

 

بدأت قصة البرنامج النووي الإيراني أواسط سبعينات القرن العشرين، عندما دشن الشاه السابق محمد رضا البهلوي. وقد اندلعت ثورة الخميني عام 1979 حين كان المفاعل الأول قد أنجزت نسبة %85 من بنائه، وكان من المخطط له أن يبدأ إنتاج القدرة الكهرونووية عام 1981. توقف الألمان عن إكمال بناء مفاعليْ بوشهر فتباطأ العمل فيهما بعد استتباب الثورة الإيرانية إلى أن تصاعدت حدة القتال أثناء الحرب العراقية – الإيرانية فقام العراقبقصف المفاعلين عام 1987.

 

تمكنت طهران من التعاقد مع الاتحاد السوڤياتي عام 1995 على تحوير المفاعلين الألمانيين المدمرين إلى النوع المعتمد في الاتحاد السوڤياتي، ورأت في هذا التعاقد فرصة لإعادة الحياة إلى برنامجها النووي “السلمي”.

 

هكذا باشرت إيران منذ عام 1996 بناء منشأة لإنتاج الماء الثقيل في مدينة آراك (وسط إيران)، وقد بدأ إنتاجه هناك عام 2006 بعد أن كشفت المعارضة الإيرانية النقاب عنه عام 2002.

 

كما بدأت إيران عام 2004 إنشاء مفاعل من تصميمها بقدرة 40 ميغاواتاً بالقرب من هذه المنشأة يعتمد في تشغيله على الماء الثقيل واليورانيوم الطبيعي المتوفر في إيران.

 

وهذا النوع من المفاعلات وبهذه القدرة يصلح لإنتاج البلوتونيوم بالكميات المطلوبة للسلاح النووي، وهو من نفس نوع وقدرة كل من المفاعل الفرنسي في ديمونة الذي يزود إسرائيل بقنابلها النووية، والمفاعل الكندي الذي مكّن الهند من الحصول على سلاحها النووي، والمفاعل الباكستاني في “خوشاب”.

 

منذ ذلك الوقت، تصدت الولايات المتحدة ودول الغرب بمحاولة وقف هذا البرنامج، ولكن باستخدام الديبلوماسية والعقوبات وحملات تفيش وكالة الطاقة الذرية، من دون التلويح بالقوة العسكرية، وصولاً الى الاتفاق النووي في نيسان 2015 بين طهران والدول الست الكبرى في مدينة لوزان السويسرية إلى “اتفاق إطار” يقود إلى حل نهائي لملف البرنامج النووي الإيراني، وعلى الرغم من عدم التزام ايران بالاتفاق استمر حتى العام 2018 حين وصل دونالد ترامب الى البيت الابيض فأخرج بلاده من الاتفاق، ليحاول الاوروبيون بعدها محاولة إنقاذه دون جدوى.

 

بعد 6 سنوات على سقوط الاتفاق النووي الايراني تستمر طهران في برنامجها النووي لانها مطمئنة الى ان احداً لن يقصفه كما جرى للمفاعلين السوري والعراقي.

 

وها هو بلينكن يعترف بـ”عضمة لسانه” أين وصل هذا البرنامج.