«عملية اوبرا» التي نُفّذت في 7 حزيران عام 1981، إذ قامت إسرائيل بغارة جوّية على المفاعل النووي العراقي الذي كان قيد الإنشاء، أي انه لم يكن قد انتهي من تركيبه والعمل به، وكان على بعد 17 كيلومتراً من جنوب شرق بغداد، وقد سُمّيت تلك العملية أيضاً بـ»عملية بابل»، جعلت الأنظار تتجه إلى أنّ دول العالم لا تريد إنشاء أي مفاعل نووي… كذلك تفيد المعلومات أنّ الطائرات الإيرانية كانت قد أغارت على المفاعل نفسه ولكن قبل عام، وذلك خلال الحرب العراقية – الإيرانية التي استمرت 8 أعوام، أي بين عامي 1980 و1988.
وتفيد المعلومات أيضاً أنّ العراق استعان بفرنسا من أجل إصلاح المفاعل النووي العراقي بعد الضربة الإيرانية.
أما بالنسبة الى المفاعل النووي السوري الذي عرض مشروع إنشائه عام 1999 على الرئيس حافظ الأسد ورفضه قائلاً للإيرانيين: إنّ نظامي لا يتحمّل هذا المشروع، لأنه لو قدّر إنشاء هذا المشروع النووي في سوريا وتحديداً في دير الزور، والذي تبلغ كلفته 4 مليارات دولار أميركي فإنّ إسرائيل كانت ستقوم بالقضاء عليه وتدمره… بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد رحمه الله جاء الإيرانيون عام 2002، وعرضوا على الرئيس بشار الأسد المشروع الذي عرضوه على والده فوافق مباشرة. ويبدو أنّ العرض بـ4 مليارات دولار أميركي أغرى الرئيس بشار الأسد فوافق على المشروع فوراً.
طبعاً، جاءت إسرائيل في 6 أيلول عام 2007 ودمّرت المفاعل النووي السوري، وللعلم فإنّ «الموساد» الاسرائيلي اكتشف عن طريق خطوط الموبايل، ان هناك 10 آلاف اتصال بين دير الزور وبين كوريا الشمالية. هذا الموضوع أثار شكوكاً عند الاسرائيليين فوضعوا مجموعة من «الموساد» في لندن لتراقب التحركات السورية، وبالفعل في أحد الأيام قام ضابطان سوريان كبيران أحدهما في الحرس الجمهوري بزيارة لندن ووصلا الى لندن ووضعا أغراضهما في أحد الفنادق، حيث كانت تنتظرهما مجموعة من «الموساد» الذين دخلوا الى غرفة الضابطين وحصلوا على معلومات خطيرة من الكمبيوتر الذي تركه الضابطان السوريان في الغرفة وذهبوا الى السفارة حيث كانت سيارة من السفارة تنتظرهم، ولم يكتفِ ضباط المخابرات بوضع «شيب» في الكمبيوتر للحصول على المعلومات من داخل الكمبيوتر بل وضعوا «شيب» ثانية وأبقوها داخل الكمبيوتر وهي التي كانت تزوّد «الموساد» بالمعلومات التي يريدونها حول المفاعل النووي السوري.
ثم تم اجتماع بين «الموساد» وبين C.I.A وتم الاتفاق على السماح للطائرات الاسرائيلية بأن تقوم بعملية عسكرية لتدمير المفاعل النووي السوري. وهكذا حصل الأمر بتاريخ 6 أيلول 2007 كما أشرنا سابقاً.
اما بالنسبة للكذبة الكبيرة كما أطلقنا عليها ونعني «المفاعل النووي الإيراني» الذي بدأ العمل فيه عام 2004، وأعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في 11 نيسان 2006 ان إيران نجحت من خلال هذا المفاعل في تخصيب اليورانيوم فإنه يدعو الى التساؤل والحيرة في آن.
ولنبدأ بسرد بعض وقائع إنشاء المفاعل النووي الإيراني:
بدأت حكاية هذا المشروع المثير للجدل في منتصف خمسينات القرن الماضي، حيث تم إطلاق برنامج إيران النووي حينها في عهد الشاه محمد رضا بهلوي بمساعدة من الولايات المتحدة الاميركية، كجزء من برنامجها الذي عُرف باسم «الذرّة من أجل السلام».
وبعد خمسة أعوام، ومع إنجاز نحو 80٪ من المشروع الذي خطّط له الشاه ودعمته واشنطن، اندلعت أحداث الثورة الإيرانية عام 1979، فيما توقف العمل بإكمال بناء مفاعلي بوشهر، وأعلن الخميني حلّ أبحاث الأسلحة النووية السرية للبرنامج، إذ كان يعتبر هذه الأسلحة محظورة بموجب الأخلاق والفقه الاسلامي. وظلت الحال على ما هي عليه حتى قام العراق بقصف المفاعلين عام 1987 خلال الحرب بين البلدين.
بعد عملية القصف أعاد الخميني السماح بإجراء بحوث صغيرة في الطاقات النووية، وبعد وفاة الخميني بدأت فكرة التوسّع في إنشاء وتشغيل المفاعل.
ويعتقد المسؤولون الاميركيون أنّ العلماء الروس ساعدوا في إنشاء مفاعل أبحاث الماء الثقيل في منطقة أراك وسط البلاد.. وهذا النوع من المفاعلات يصلح لإنتاج البلوتونيوم بالكميات المطلوبة للسلاح النووي.
وبدأت الولايات المتحدة باتهام النظام الإيراني بالسعي لحيازة السلاح النووي. ومنذ عام 2003 بدأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش على المنشآت الإيرانية.
في 4 شباط عام 2006، أحالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف إيران النووي الى مجلس الأمن الدولي. كما وافق مجلس الامن في 23 كانون الأول من العام نفسه على منع أي دولة من تسليم إيران أو بيعها أي معدات أو تجهيزات أو تكنولوجيا يمكن أن تساعدها في نشاطات نووية وباليستية.
وفي 24 تشرين الثاني عام 2013 وقعت إيران ومجموعة (5+1) التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين إضافة الى ألمانيا، اتفاقاً في جنيڤ التزمت من خلاله طهران بعدم تخصيب اليورانيوم، بدرجة أعلى من نسبة 5٪.
ومع تسلم دونالد ترامب، أعلن الرئيس الاميركي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي فأنهاه في 8 أيار عام 2018. أما مع قدوم جو بايدن، فإنّ المفاوضات عادت لإحياء الاتفاق من جديد.
والسؤال المطروح بإلحاح:
مع تغيّر عدد كبير من الرؤساء في الولايات المتحدة ودول العالم… لماذا لم تقم أية دولة بالإغارة على المفاعل النووي الإيراني؟
هل هذه الدول موافقة على تخصيب اليورانيوم، وعملية المفاوضات ليست سوى مسرحية مضحكة، أم أنّ المفاعل النووي الإيراني هو أكبر كذبة في التاريخ؟