Site icon IMLebanon

الشعبوية والاحتلال الايراني 

 

هنالك مبالغة فاضحة بشأن الكلام عن الاحتلال الايراني للبنان، وبكل بساطة هنالك حزب لبناني قوي وله جمهوره هو حزب الله، اي المقاومة اللبنانية ضد العدو الاسرائيلي، وله علاقات مع ايران التي زودته باسلحة رادعة للعدو الاسرائيلي وتدعمه مالياً مثلما فعل الامام الخميني رحمه الله عندما استلم الحكم في ايران واهدى السفارة الاسرائيلية للقيادة الفلسطينية كي تكون سفارة فلسطين في ايران بديلا عن السفارة الاسرائيلية التي كانت في قلب طهران العاصمة.

 

كثيرون يتصلون بي من الخارج من اقرباء لي في الولايات المتحدة وكندا ويسألونني عن الاوضاع في لبنان، وبعدما اشرح لهم الوضع يقولون انهم راغبون بالمجيء الى لبنان، لكن ماذا يفعلون وماذا يحصل معهم اذا جاؤوا واعتقلهم الاحتلال الايراني؟ ويدور الحديث عن انه لا احتلال ايرانيا في لبنان وانه شعار سياسي تم طرحه وانه يستعمل لاسباب شعبوية، لكن واقع الامر ان ايران لها نفوذ في لبنان اقل من نفوذ الولايات المتحدة واوروبا في لبنان.

 

ان المبالغة بالكلام عن احتلال ايراني في لبنان وبث هذه التصريحات عبر الفضائيات التلفزيونية يسيء الى صورة لبنان على انه بلد محتل من دولة اخرى، ولو كانت هذه الدولة قدمت الكثير للمقاومة وللبناء في جنوب لبنان وانها داعمة كي يكون لبنان قويا في وجه اسرائيل، فان ذلك لا يعتبر احتلالا ايرانيا. وواقع الامر انه لو اخذنا خريطة لبنان كلها وبدأنا من عكار التي اكثريتها من الطائفة السنية بنسبة 80%، ثم مررنا بقضاء الضنية وقضاء المنية، لوجدنا انه لا يوجد ايراني في هذه المنطقة. واكملنا الطريق نحو طرابلس والكورة وزغرتا وبشري والبترون وجبيل وكسروان والمتن الشمالي والاشرفية وعين الرمانة وفرن الشباك ومنطقة بدارو وبعبدا والحازمية، لوجدنا انه لا وجود ايراني بالمطلق كليا ولا وجود الا سياسيا لحزب الله بدون سلاح لبعض الافرقاء القليلين في هذه المناطق، وان حزب الله لا يحاول اقامة قواعد له في هذه المناطق وان حزب الله حريص على الوحدة الوطنية ومنع اي فتنة سنية شيعية او مسيحية اسلامية. وذهبنا الى قضاء عاليه وقضاء الشوف وقضاء اقليم الخروب، لوجدنا انه لا احتلال ايراني بتاتا. وحتى في الضاحية لو قمنا بالتجول في كل شوارعها وطرقاتها الداخلية، لما وجدنا ايرانيا واحدا. ولو ذهبنا الى زحلة والبقاع الغربي لما وجدنا قواعد لحزب الله. واذا كانت الضاحية يسكن فيها جمهور حزب الله وحركة امل، فان حزب الله حريص جدا على لبنانيته وانتمائه اللبناني والتضحية من اجل الدفاع عن لبنان وتقديم الشهداء. صحيح انه في البقاع الشمالي الشرقي والجنوبي يوجد جمهور كبير من الطائفة الشيعية التي تؤيد المقاومة الا انه لا يوجد اي اثر لاحتلال ايراني. هذا من حيث الواقع الفعلي، اما تعاطي حزب الله مع ايران فهو تعاطي الحليف مع الحليف وجمهور حزب الله يحب ايران لانها قدمت الكثير له في دعمه لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي 18 سنة للجنوب حتى الحاق الهزيمة وانسحاب الجيش الاسرائيلي من الجنوب سنة 2000. واكملت ايران دعمها للبنان وللمقاومة كيلا يبقى العدو الاسرائيلي يتنزه في الجنوب، بل اصبح يفكر مئة مرة قبل الدخول الى الاراضي اللبنانية لان المقاومة المدعومة من ايران بالصواريخ، وبخاصة الصواريخ الدقيقة، اصبحت تجعل اسرائيل تعد للعشرة قبل ان تخرق شبرا واحدا من الاراضي اللبنانية. يجب التوقف عن الكلام عن احتلال ايراني للبنان لانه واقعيا غير موجود ولبنان غير محتل من اي بلد، بل هنالك نفوذ اميركي ونفوذ فرنسي واوروبي ونفوذ ايراني. ولان حزب الله حزب قوي، فان له كلمة في ادارة شؤون البلاد مثله مثل الاحزاب الاخرى التي لها كلمة فعالة في ادارة شؤون لبنان.

 

ثم ان سحب سلاح المقاومة من يدها وتسليمه للجيش امر غير منطقي لان المقاومة ليس عندها اي مركز ظاهر تكشفه اسرائيل بينما ثكنات الجيش اللبناني كلها مكشوفة ولبنان ليس لديه دفاع ضد الاهداف الجوية حيث اذا حصل اعتداء اسرائيلي في الجنوب فتصدى الجيش اللبناني للقوات الاسرائيلية، فان المسؤولية كلها ستقع على الجيش وتقوم اسرائيل بقصف كل ثكنات الجيش ووزارة الدفاع دون ان يستطيع الجيش اللبناني الدفاع، مع ان كل عناصره شجاعة وقوية ومستعدة للاستشهاد، لكن مراكزه كلها مكشوفة وليس لديه اسلحة دفاع جوي او دفاع بحري او دفاع بري فعال لان المقاومة تنامت خطوة بعد خطوة ومرحلة بعد مرحلة حتى حصلت على اسلحة مضادة للدبابات والمدرعات بالالاف، ولديها صواريخ ارض بحر ولديها صواريخ تصل الى كامل فلسطين المحتلة.

 

يجب دراسة الدفاع بقوة وعقلانية وواقعية. نحن لا نخفف من عزيمة ونخوة الجيش اللبناني، بل نفتخر بجيشنا اللبناني البطل، لكنه يحتاج الى 120 مليار دولار ليكون لديه اسلحة قادرة على ردع اسرائيل وليس كليا لان اسرائيل تعتبرها الولايات المتحدة ولاية منها وسلحتها باحدث الاسلحة، حتى ان احدث طائرة وهي اف 35 سلمتها الولايات المتحدة الى اسرائيل كاول دولة في العالم، ثم بعد سنة سلمت لبريطانيا 25 طائرة من هذا النوع، ثم زودت اسرائيل بـ 60 طائرة من طراز اف 35.

 

يا جماعة الخير خففوا الخطابات السياسية التي تسيء الى صورة لبنان، وبخاصة الكلام عن الاحتلال الايراني وعن السلاح غير الشرعي، لان لبنان ليس محتلا من قبل ايران والسلاح هو شرعي لانه يدافع عن لبنان. ولا نرى اي مظاهر حزبية لحزب الله تتجول في المناطق اللبنانية حتى في منطقة الجنوب، لان المقاومة تتخذ الحيطة والحذر كيلا يكشف العدو الاسرائيلي اي مركز. اكثرية الذين يتكلمون عن سحب سلاح المقاومة لا يعرفون شيئا عن السياسة الدفاعية، وافضل وسيلة لفهم الامور هو تكليف قيادة الجيش اللبناني وضع خطة السياسة الدفاعية للبنان وكلفتها وانواع الاسلحة، وعندئذ نكون نستند الى خبراء الجيش اللبناني، ضباط لديهم خبرة طويلة في السلاح، وتكون خطة الجيش اللبناني هي الموضوعة على طاولة الحوار بشأن الدفاع عن لبنان.

 

الجيش اللبناني هو الوحيد القادر على السياسة الدفاعية ضمن مؤسسات الدولة، فلنطلب منه دراسة عن الموضوع ونسلم خبزنا للخباز.

 

شارل ايوب