من يظن أنّ الانسحاب الاسرائيلي من لبنان عام 2000 حين أعلن ايهود باراك يومذاك الانسحاب من الجنوب من دون اتفاق مع لبنان أو مع جميع القوى المساندة لإسرائيل. كان انسحاباً حقيقياً هو واهم، وذلك لسبب بسيط انه عندما أعلنت إسرائيل انسحابها من الأراضي اللبنانية ردّ عليها حزب الله -الناطق الرسمي باسم المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية في إيران- مباشرة بأنّ هناك أراضٍ لا تزال محتلة هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهذا يذكرنا بقصة جحا… عندما باع بيته وترك صورة والده حيث كان يتردّد يومياً على البيت الذي باعه بحجة انه جاء ليزور صورة والده.
ومن يعرف العدو الاسرائيلي وأطماعه في لبنان، ونواياه ضد الشعب اللبناني لا في لبنان فقط بل في العالم كله… إذ يعتبر الشعب اللبناني أنه المنافس الحقيقي للشعب اليهودي في العالم. إذ ان نجاجات اللبنانيين في بلاد العالم ليس لها حدود، وتأكيداً لهذا الكلام تفيد معلومات موثوقة أنّ عدد اللبنانيين خارج لبنان يصل الى حدود 16 مليوناً، نصفهم لا يزال على علاقة بالوطن الأم، ونصف النصف أي 4 ملايين لبناني هم من الأثرياء في العالم..
بالعودة الى الانسحاب الاسرائيلي عام 2000، فإنه يذكرنا باحتلال إسرائيل لجنوب لبنان عام 1978 وإقامة دولة سعد حداد كمنطقة عازلة بين إسرائيل وبين المقاومة الفلسطينية.
وهذا ما جرى في 12 تموز عام 2006 حيث اختطف حزب الله جنديين إسرائيليين هما غولد فاسر والداد ريغيف، ما دفع إسرائيل الى شن حرب على لبنان دامت 28 يوماً، ولو بقيت يومين فقط لانتهى حزب الله، ولكن هذا ليس في مصلحتها، والتاريخ يؤكد ان الحزب في ذلك الوقت تمنى على رئيس الحكومة يومذاك فؤاد السنيورة ورجاه بأن يطلب من أميركا المساعدة على وقف إطلاق النار بعدما انهارت منظومة الحزب العسكرية.
طبعاً إسرائيل لا تريد أن تنهي حزب الله لأنها بحاجة إليه للقضاء على لبنان.. وبالمناسبة فإنّ كلمة السيد حسن نصرالله «لو كنت أعلم» كلفت لبنان 5000 قتيل وجريح من الجيش اللبناني والشعب اللبناني ومن حزب الله مقابل ماذا؟ [لو كنت أعلم].
على كل حال، هذا المقال موجّه الى كل الذين يراهنون على تسوية بالنسبة لانتخاب رئيس جديد للبنان، ونحن نقول لهم: لا تضيعوا وقتكم، فالحزب يتبع أوامر المرشد في طهران، والمرشد لن يسمح بانتخاب رئيس إلاّ لقاء ثمن… وهذا الثمن يبحثه مع أميركا.
لذلك نقول أيضاً للذين يراهنون على وساطة فرنسية، أو موافقة من المملكة العربية السعودية لهؤلاء نقول: المشكلة في مكان آخر، فالمرشد لن يسمح بانتخاب رئيس إلاّ إذا حصل اتفاق بينه وبين أميركا.
انطلاقاً مما ذكرت، أظن ان على الذين يراهنون على البرلمان وعلى الاكثرية النيابية، أن يعلموا أنّ هذه المراهنة أيضاً لن تنجح ولن تأتي برئيس جديد، كل ما في الأمر انهم يستطيعون فقط أن يمارسوا حق الڤيتو لا غير، اما موضوع انتخاب رئيس أو طاولة حوار أو الفيدرالية أو حتى شعارات ترفع هنا وهناك، كل هذا كذر رماد في العيون، إذ ان انتخاب رئيس جديد يمكن تحقيقه في حال واحدة ألا وهي موافقة المرشد في الجمهورية الاسلامية الايرانية.
وهكذا أصبح لبنان كما يردد المرشد ورئيس الدولة في ايران وزعماء آخرون ان إيران تسيطر على 4 عواصم عربية: بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء.
كلمة أخيرة نقولها حول موضوع أثاره عدد كبير من اللبنانيين ضد موقف وزير خارجية لبنان في الأمم المتحدة بعدم التصويت مع قرار ضد سوريا، نقول لهم: إيران والمرشد لا يسمحون للبنان باتخاذ هكذا قرار، والوزير مغلوب على أمره، كما حصل في الحرب الأهلية السورية يوم تدخل الحزب في قتل المواطنين السوريين الذين كانوا ضد بشار الأسد.. ولا بد من التذكير بما قاله السيد حسن نصرالله، إنّ تدخله في الحرب الأهلية السورية كان للدفاع عن المقدسات الدينية في مقام السيدة زينب. ونحن لا نعرف كيف انتقل الى حماة وحمص وحلب واللاذقية وطرطوس… وكيف تحدّى كل اللبنانيين بخطاب لا نزال نتذكره ويتذكر الجميع تهديداته.