المشهد الأول
تنتصب لوحة عملاقة عند زاوية الخروج من موقف السيارات في مطار رفيق الحريري الدولي. تحمل صورتين لكل من «الرئيس الشهيد» إبراهيم رئيسي، و»الوزير الشهيد» حسين أمير عبد اللهيان. ينظر سائق التاكسي إلى اللوحة ويتمتم: «كل شيء على حاله». وعندما أسأله عن تطورات ضبط الدراجات النارية المخالفة، يجيب ساخراً: «لم تتجاوز العملية إلا يومها الأول. حاصروا مخفر الدرك، وصلت الرسالة، وفي اليوم التالي عادت الدراجات إلى حركتها الطبيعية».
بعدها غرق السائق في صمته وكأن هموم الدنيا تفترسه، أو هي فعلا تفترسه!
ملاحظة: في إيران رفعت لافتات ضخمة تشيد بالرئيس الراحل، وتصفه وأعضاء الوفد الذين كانوا معه، بأنهم «شهداء الخدمة».
المشهد الثاني
يناقش راكبان في سيارة أجرة المستجدات. يتباهى الأول بأن إيران دولة عظمى، لا يهزها مقتل رئيسها ووزير خارجيتها، ولا يقوّض أمنها أي حادث من هذا النوع أو من غيره، والانتخابات تم تحديد موعدها، وستجري وفق الأصول التي تليق بالدول العظمى. ومن يراهن على الفوضى سيرتد كيده إلى نحره.
الراكب الثاني يسأله باستفزاز: «كيف تكون إيران دولة عظمى، والطائرة التي تقل رئيسها إما لا تستوفي شروط السلامة، أو أن أمن الرئيس مخترق بحيث يسهل اغتياله. ولعل دود الخل منه وفيه، وإسقاط الطائرة جاء بقرار داخلي»؟
يرتبك الأول، قبل أن يستدرك بالقول إن مثل هذه الحوادث تقع في أكبر الدول، والتاريخ شاهد على ذلك. يعود الراكب الثاني ليسأل عن مسارعة إيران إلى انتخاب رئيس وسبب بقاء لبنان في شغور لكرسي بعبدا، وبإيعاز من الدولة العظمى إلى «حزب الله» ليشل مجلس النواب.
هنا لا يرتبك الأول، ينظر شذراً إلى سائله، يرفع صوته كأنه يخطب في جماهير غفيرة، مستغرباً التوقف في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الصراع بين محور المقاومة ومحور الشيطان عند مسألة تافهة كانتخاب رئيس، أو انتقاد المحور بتفاصيل إلهائية، مع أنّ الأولوية هي لمساندة غزة، وحماية الجنوب وأهله من العدوان الصهيوني والمؤامرة الأميركية، وصولاً إلى القضاء على إسرائيل ومحوها من الوجود.
و»بعد تحقيق هذه الأهداف هل سيبادر «الحزب» إلى فك أسر مجلس النواب وينتخب رئيساً لدولتنا غير العظمى»، يقول الراكب الثاني وهو يغادر سيارة الأجرة. الراكب الأول يتابع بمفرده تحليل الواقع الراهن، مصراً على أن «المقاومة لن تسمح بانتخاب رئيس ينتمي إلى فريق عملاء الاميركيين في لبنان ولا يتورع عن طعنها في ظهرها». ويلتفت بتعالٍ إلى الركاب الآخرين وسائق السيارة الذين التزموا الصمت.
المشهد الثالث
نقلت بعض المواقع فائض الود الذي طغى على المصافحة التي التقطتها العدسات لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية ومسؤولين من حركة «طالبان»، وذلك خلال مراسم تشييع الرئيس الإيراني ووزير خارجيته. والواضح أنّ هنية كان نجم التشييع، سواء لدى تقديمه العزاء للمرشد الأعلى علي خامنئي، بما يؤكد مقامه الرفيع في صلب مشروع الممانعة، أو لدى مشاركته في اجتماع قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، ونائبه في قيادة العمليات الخارجية إسماعيل قاآني، مع قيادات في فصائل وجماعات مسلحة في المنطقة تدعمها طهران على هامش التشييع.
والأهم أنّ التلفزيون الإيراني رأى في مشاركة أذرعه في التشييع وتقديم العزاء فرصة «تم خلالها التأكيد على استمرار الجهاد والنضال حتى النصر الكامل للمقاومة الفلسطينية في غزة بمشاركة فصائل محور المقاومة».
المشهد الأخير
أثنى الرئيس السوري، بشار الأسد، على مزايا المسؤولين الإيرانيين الراحلين باعتبارهم «مناضلين ضد الظلم والسياسات الأحادية في العالم ومناصرين للمظلومين في المنطقة». (لا تعليق)