Site icon IMLebanon

لبنان للمسؤولين الإيرانيين: كفى.. كفى!

 

ثمة متغيرات متسارعة في معادلات الشرق الأوسط، بدأت تظهر على إيقاع الحرب المشتعلة منذ سنة ونيّف في غزة، والتي إنتقل آوارها إلى لبنان في الشهر الماضي، وخلّفت بصمات العدو السوداء في أكثر من منطقة لبنانية، وصولاً إلى بيروت، والضاحية الأبية.

لعل أبرز تلك المتغيرات الإقليمية، وصول المبارزة الإيرانية ــ الإسرائيلية إلى المواجهة السافرة، وإقترابها من الصدام المباشر، بعد سنوات طويلة من سياسة التخاطب والتهديد عن بُعد، عبر الأذرع العسكرية التي زرعتها طهران، في أكثر من دولة عربية، وفي مقدمتها لبنان، التي تفرعت عنه بقية التنظيمات ذات الطابع الميليشياوي في الإقليم.

 

مقدمات الصدام المباشر ظهرت في الهجوم الصاروخي الإيراني على الكيان الصهيوني في نيسان / إبريل الماضي، رداً على الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، والتي ذهب ضحيتها نائب قائد الحرس الثوري وعدد من كبار مساعديه.

وفي حين كان الرئيس الإيراني الجديد، يحاول أن يقدّم صورة لبلاده أكثر قبولا عند الغرب، كان الفريق المتشدد في السلطة يمضي في تصعيد حالة التأزم مع تل أبيب، رغم علامات الإستفهام المريبة حول الموقف الإيراني المتحاهل للضربات المتتالية والموجعة التي تلقاها حزب لله من العدو الصهيوني، والتي بلغت ذروتها في إغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرلله، في مقره السرّي تحت الأرض، بعد أيام من مجزرة تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، والقضاء على القادة العسكريين لقوة الرضوان بغارة جوية واحدة على مقر إجتماعهم.

 

ورغم حجم الخسائر الحزبية والتنظيمية التي مُني بها الجانب اللبناني في الأيام الأولى لهذا العدوان الغادر،  الذي لم يوفر بشراً وحجراً، إستمرت طهران في سياسة التخاطب والتهديد مع تل أبيب، عبر الساحة اللبنانية، المضرّجة بدماء مئات الشهداء، والتي تصد الغارات الوحشية باللحم الحي،_ وبصدور اللبنانيين العزل، حتى من أبسط أنواع الملاجيء.

في ذروة المعركة السياسية والديبلوماسية التي يخوضها لبنان لمواجهة الإعتداء الصهيوني الوحشي، جاء من يقول للمسؤولين في بيروت أوقفوا رحلات الطيران الإيراني ، حتى تقطعوا الطريق على نتنياهو بقصف المطار وتعطيل المنفذ الجوي الوحيد للبنان.

بعد ساعات من وقف رحلات الطائرات الإيرانية، تبلغ لبنان الرسمي يرغبة رئيس مجلس الشورى الإيراني قاليباف زيارة بيروت. فكان أن حطت الطائرة الإيرانية التي قادها بنفسه في مطار بيروت، مع كل ما تحمله خطوته من تحدي لقرار حماية المطار من التعديات الصهيونية.

ولكن تلك الخطوة تم إستيعابها بالتي هي أحسن ومضت على خير ، إلى أن فوجئنا في نهاية الأسبوع الماضي  بتصريح قاليباف أفندي بإستعداد إيران التفاوض مع باريس حول تنفيذ القرار١٧٠١ في الجنوب اللبناني!!

سارع الرئيس ميقاتي إلى الرد بما يستحق هذا الكلام المردود لصاحبه، من إستنكار للتدخل الإيراني المفضوح والمرفوض في الشأن اللبناني، فضلاً عن موجة الردود المستنكرة من معظم الأطراف السياسية. ولكن المفارقة أن كلام قاليباف ليس زلة لسان، ولا كلاماً إعتباطياً، بقدر ما هو تعبير عن موقف مازال صاحبه أسير مرحلة إنتهت، وهو يصر على القراءة في الكتاب القديم، ويتجاهل معطيات وحقائق الكتاب الجديد، وما يحمله من متغيرات جذرية في معادلات المنطقة.

وهنا لا بد من التوقف عند تطورين أبرزا واقع المتغيرات الجديدة.

الأول تجسد بهذا التهرب الفاضح للجانب الإيراني من تحمل مسؤولية توجيه المسيّرة إلى منزل نتنياهو ، وصدور تصريح رسمي من البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة، بالتنصل من مسؤولية «محاولة إغتيال نتنياهو «، وإلصاق التهمة بحزب لله مباشرة، رغم كل ما يعانيه الحزب حالياً في التصدي البطولي للهجمات البرية الاسرائيلية على إمتداد القرى الحدودية.

التطور الثاني عبرت عنه القرارات السورية الأخيرة، والتي قضت بفرض رقابة على تحركات عناصر حزب لله والميليشيات الإيرانية وأسلحتهم، ومنعهم من إستخدام الأراضي السورية، خاصة في الجولان لأعمال عسكرية، خارجة عن السلطة السورية.

وعندما سئل مسؤول سوري عن موقف بلاده في حال تعرضت إيران لهجوم إسرائيلي أو غربي، أجاب بما مؤداه: حسابات سوريا السياسية تختلف عن الحسابات الإيرانية، ولكل منّا خياراته الإستراتيجية والتكتيكية.

لقد ان الآوان للقول للمسؤولين الإيرانيين : كفى .. كفى.. لبنان لم يعد قادراً على تحمّل تبعات مخططات سياساتكم العابثة بأمن المنطقة، وكل ما سببته من دمار وخراب ، وسقوط آلاف الشهداء والضحايا الأبرياء.