Site icon IMLebanon

من “شيعة شيعة” إلى “تجار شيعة”

 

بدأت تباشير وصول الوقود الإيراني إلى لبنان. وأُنجِزت إستمارات يتم بموجبها توزيعه وفق المواصفات المطلوبة للمستحقين من المستورد. هو وحده يحدد هوية الجديرين بهذه النعمة ليدفعوا ثمنها ويحركوا عجلته الاقتصادية ويمولوا مشروعه الجديد.

 

وعلينا الاحتفال بهذا الوقود الذي تحمله ناقلات النفط إلى ميناء سوري، حيث يُفرَّغ ومن ثم يُنقل إلى لبنان برعاية وكيل المحور، وبالتأكيد بمعزل عن الإجراءات القانونية المرعية، في حين ينكر الوزير المختص بمتابعة هذه الإجراءات علمه بما يحصل، لأنه لا يريد أن يتدخل أو حتى يعلِّق على المسألة برمتها.

 

والمهزلة أن النأي بالنفس لا يقتصر على هذا الوزير، لينسحب على جميع أركان المنظومة، إذ يكتفون بتسجيل المواقف، ويمتنعون عن إي إجراء فعال، سواء كانوا في السلطة التنفيذية أو التشريعية… أي ينتظرون وينصاعون و… كفاهم الله شر القتال.

 

والأمر مفهوم. تماماً كما بات مفهوماً أن كل ما يتعلق بالمحور ومشاريعه القاتلة ليس من اختصاص الدولة اللبنانية ومؤسساتها، سواء في المرافئ أو المطار أو الحدود البرية الفالتة التي يدخل أو يخرج منها الوقود والدواء المزور ونيترات الأمونيوم و…الشرح يطول ..

 

المهم الإستثمار في تنشيط إقتصاد المحور ووكيله اللبناني تحت راية “الموقف الايراني لدعم الشعب اللبناني ومساعدته في أصعب الظروف”.

 

والحجة قوية، ذلك أن “الجمهورية الإسلامية لن تسمح بسياسة تجويع الشعوب وسياسة الحصار والعقوبات الظالمة غير القانونية من قبل الأميركيين.. نحن إلى جانب شعوب المنطقة ضد سياسة التجويع. فهذه السياسة ليست ضد الشعب اللبناني فقط بل الإيراني والعراقي وضد شعوب المنطقة”.

 

وغداً، لا عجب إن إنضمت حركة “طالبان” إلى هذه الشعوب، وصدّرت إلينا فخر منتجاتها. ذلك أن خطابها السياسي “copy paste” عن جارتها العزيزة.

 

ولا يجب إغفال أن للوقود الإيراني وظيفة داخلية، عدا الوظيفة الاقتصادية والاستراتيجية لدولة المنشأ ومحورها وأذرعه. فهذه النعمة لن تشمل المغضوب عليهم. هؤلاء لا بديل لديهم عن طوابير الذل، هناك يدفعون ثمن خياراتهم وأحلامهم العبثية بدولة ومؤسسات وحقوق مواطن وسيادة.. أو يمكنهم التوبة والانصياع والالتحاق بطوابير المنظومة فيجددون لها في الانتخابات المرتقبة، إن حصلت، كل حسب مذهبه ومنطقته ليحظى بوقود لسيارته أو مسكنه أو مصدر رزقه كفاف يومه.

 

وهذا لعمري قمة التدجين التي بدأت ملامحه تتبلور غداة 17 تشرين الأول 2019، مع طوابير المودعين الذين تعرفوا على ذل الوقوف ساعات للحصول على فتات أموالهم من المصارف، ولن تنتهي بالبنزين والمازوت والدواء ورغيف الخبز.

 

فالواضح أن الحاكم بأمره في دولته الموازية التي شرعنتها تفليسة البلد ونشاط الأسواق الموازية، يعرف من إين تؤكل الكتف.

 

والمفارقة، أن الدولة الموازية والأسواق السوداء الموازية هي إختصاص لبناني بإمتياز. حتى في أكثر الدول قمعاً وشمولية، لم يحصل هذا العجز في الحصول على السلع الأساسية من السوق السوداء وبأثمان مضاعفة، ما لم تتوفر الشروط الملزمة المقرونة بالسيولة، والمرتبطة بالولاء والإنصياع للمنظومة التي لا تجد عائقا حيال وسائلها الوسخة التي تضمن إستمراريتها.

 

وتحت ستار “تجار شيعة” يتابع إستراتيجيته المكملة لهتافات “شيعة شيعة”، إذ تبين أن هذه الوسيلة تبقى أفعل من الإستفزازات التي ترافقت مع غزوات الرينغ وساحة الشهداء، وسعت الى حماية كل مسوخ المنظومة وليس فقط الحاكم بأمره الذي يديرها.