تشبه العُقد الخفيّة التي تمنع تشكيل الحكومة الميقاتية، العُقَد التي واجهت سعد الحريري لدى محاولته القيام بالمهمّة نفسها، مع فارق ان الحريري تحدث عقب لقاءاته العشرين مع الرئيس ميشال عون عن مسؤولية الأخير في عرقلة التأليف، فيما كان عون عبّر مراراً عن عواطفه الدفينة والمعلنة ضدّ الحريري والحريرية.
وعندما كُلِّفَ نجيب ميقاتي بخلافة الحريري قال كثيرون انه شخصية مختلفة تماماً. فهو يمتاز بتدوير الزوايا وطول الأناة والصبر، إضافة لتعاونه مع التيار العوني و”حزب الله” في الحلول محل الحريري إثر انقلاب الرابية وعراضة القمصان السود.
لكن ما جرى حتى اليوم، وبعد نحو 12 لقاء بين عون وميقاتي، وحرص الأخير على لقاء الجميع بمن فيهم من كان الحريري يرفض لقاءه، كالنائب جبران باسيل مثلاً ، كل ذلك لا يبشر بجديد. فالحكومة متعثرة والأحاديث تتكرر عن عقد الحصص في غياب شعارات حكومة الاختصاصيين لمصلحة حكومة الاتباع، بينما يحرص اصحاب الحل والربط على القول انهم لا يتدخّلون ولا يريدون شيئاً لأنفسهم!
اسرار التشكيل الحكومي لا يشبهها الا اسرار بواخر النفط الايراني، ربما لأنّ الفاعل هو نفسه في الحالتين .
فبعدما أعلن “حزب الله” ان الباخرة الأولى هي في طريقها الى لبنان كعربون دعمٍ من ايران، وان بواخر اخرى ستلحقها، ذكرت انباء الأمس ان اي سفينة لم تنطلق نحو لبنان، وغابت انباء السفن عن الإعلام الإيراني الا في وسائل تابعة للحرس الثوري والمرشد. اما وزارة الخارجية الايرانية فقالت شيئاً لم يتطرق اليه زعيم “حزب الله” بل يناقضه تماماً. فقد اعلن الناطق باسمها سعيد خطيب زاده: “نحن مستعدّون لمساعدة لبنان بهذا الخصوص ان طلبت الحكومة اللبنانية ذلك …
ومن الطبيعي ارسال الوقود لمن يشتريه منا”…
الرابط بين تعثر الحكومة وشروط ارسال النفط الايراني ليس صريحاً كفاية، لكن كلام خطيب زادة يوحي ان طهران تفضّل حكومة تقوم هي بطلب هذا النفط وتدفع ثمنه، وربما يكون ذلك في عمق اسباب السعي الى الامساك بالرئيس المكلف وحكومته من تلابيبهم، وصولاً الى تحقيق الانسجام الكامل بين سلطة لبنان الجديد وقيادة محور الممانعة في ايران.