Site icon IMLebanon

“العقوبات”… تنتظر “على الكوع”!

 

طريق النفط الإيراني إلى بيروت… مقطوع

 

بعدما قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاقية النووية وفرض عقوبات قاسية على إيران، مُنع أي بلد من استيراد النفط من الدولة “المقاصصة”. فانخفض تصدير إيران الى ما دون الـ 200 الف برميل (من مليونين يومياً) لتخسر 90% من إنتاجها الى دول أوروبية، والصين واليابان والهند وتركيا. وبذلك، يبدو التسويق لخيار التوجّه شرقاً وتحديداً في ما خصّ استيراد النفط مجرّد اقتراح “سريالي”، بعيداً كل البعد عن إمكانية التطبيق، أولاً نتيجةً للعقوبات على سوريا وإيران والعراق (رغم إصرار حلفاء إيران الداخليين على عدم جدوى العقوبات وسعيهم لتأمين اكتفاء “مناطقيّ” شامل)، وثانياً للعراقيل الفنّيّة وهي كثيرة.

 

تقنياً، لا يمكن استيراد النفط الإيراني الا عبر طريقين: فإما تتم عملية النقل براً أو من خلال البحر. في المبدأ، يمكن استيراد النفط براً عبر خط انابيب “pipelines” يصل ايران بالعراق وسوريا ولبنان وصولاً الى منشآت النفط في طرابلس والزهراني، أي قانوناً الى “روسنفت” المعاقبة بدورها دولياً (من خلال احدى شركات الوساطة التابعة لها) والتي تنوي، في حال العمل ببنود العقد مع وزارة الطاقة، تنفيذ مخططها التخزينيّ والتوزيعيّ للمنطقة، خصوصاً وأن أراضي المنشآت لا تزال مملوكة من “شركة النفط العراقية”(Iraq Petroleum Company).

 

لكن لا بدّ من الإشارة الى أن خط الانابيب المطلوب لربط الدول الأربع غير قائم لسبب أوحد، وهو جهل ما اذا كانت هنالك اصلاً امدادات صالحة بين ايران والعراق المعروفة بـIraq Pipelines بعد سنوات الصدام العسكري بين البلدين خلال حرب الخليج الأولى. إضافة الى ذلك، فان المشوار عبر خطّ الانابيب طويل، فالنفط الإيراني متواجد جنوب البلاد، ما يعني ان كلفة النقل الى لبنان ستكون مرتفعة.

 

اما بحراً، فممرَّا قناة السويس وجبل طارق ليسا آمنين تحديداً بعد واقعة الحجز على ناقلة النفط الإيرانية “غريس 1″ في تشرين الماضي.

 

الا انه وبحسب الخبراء، من الممكن استيراد النفط عبر المياه الإقليمية من ايران الى بحر الخليج، ومن ثمّ يُصار الى تغيير هوية واسم الناقلات لـ”تُهرّب” الى دول أخرى.

 

ثلاث شركات لبنانية على “اللائحة السوداء”!

 

في جميع الأحوال، هناك استحالة للدفع بعدما أبلغ “جي بي مورغان” المسؤولين اللبنانيين عدم فتحه أي اعتمادات جديدة لمصرف لبنان لشراء المحروقات، وذلك استناداً الى تقارير أجنبية. الى ذلك، وبحسب المعلومات التي حصلت عليها “نداء الوطن”، فانّ الولايات المتحدة الاميركية تراقب عن كثب “3” من الشركات اللبنانية التي تتعاطى التجارة النفطية وتدرس سُبُل وضعها على اللائحة السوداء (غير المعلنة حتى اللحظة)، عملاً بأحكام قانون قيصر على خلفية تورّطها بتهريب مواد نفطية الى سوريا.

 

عن الموضوع يوضح المحامي البروفسور نصري دياب أن “من الناحية التقنية البحتة، وبعيداً من أي موقف سياسي، المسألة متعلقة بالعقوبات الأميركية على النفط الإيراني والنتائج المترتبة على كلّ طرف يخالف هذه العقوبات. في هذا الاطار، أودّ التذكير بناقلة النفط الايرانية “غريس 1” والتي اوقفتها البحرية البريطانية العسكرية في جبل طارق قبل ان تنهي مشوارها بعد اطلاق سراحها، وذلك قبيل الشاطئ اللبناني – السوري بعدما تمّ تغيير اسمها الذي أصبح “أدريان”. وللتذكير ايضاً، حرّكت السفينة الإيرانية اساطيل عدة وتسببت بمشاكل سياسية وقضائية في البحر الأبيض المتوسط. واذا كانت هذه الحال لسفينة واحدة، فكيف بالأحرى في ما خصّ خطّ امدادات ثابتاً بين ايران ولبنان لاستيراد النفط بشكل علني!”.

 

 

 

العقوبات الأميركية أخافت دولاً كبرى

 

ويضيف دياب: “أخافت العقوبات الأميركية دولاً عظمى اقتصادياً على غرار الصين التي تمتنع منذ العام الماضي عن شراء النفط الإيراني بشكل رسمي. فالولايات المتحدة الأميركية لم تُجدّد الاجازات الاستثنائية الموقّتة التي كانت قد منحتها الى بعض الدول مثل الهند وغيرها لشراء النفط الإيراني، وهذا ما يدل على جدية الولايات المتحدة في تطبيق العقوبات. وهنا لا بدّ من السؤال: كيف للبنان ان يواجه نتائج مخالفة هذه العقوبات في حين لم تتجرأ على ذلك دول كبرى؟ فأواخر الاسبوع المنصرم، أصدر القضاء الأميركي القرار بالحجز على 4 سفن إيرانية محمّلة بالنفط لفنزويلا”.

 

أما من ناحية كيفية دفع قيمة النفط المستورد من إيران، فيقول دياب: “هنالك امكانيتان لا ثالثة لهما. يتم ذلك عبر المقايضة “barter” او نقداً بالليرة اللبنانية. بالنسبة الى المقايضة، لا نرى ماذا يمكن للدولة اللبنانية مبادلته بالنفط؛ أما بخصوص الدفع بالليرة اللبنانية، فيكفي ان نستذكر انه من جهة أولى، الليرة اللبنانية عملة محلية، لا يتم التداول بها الا على الأراضي اللبنانية وهي ليست جاهزة لاي تداول دولي، بالتالي سيتم استعمالها في لبنان لغايات غير واضحة الأطر. ومن جهة ثانية، تتهاوى قيمتها بوتيرة يومية بحيث لا يمكن استعمالها كوسيلة لدفع ثمن المشتقات النفطية التي تفوق قيمتها مئات ملايين الدولارات الأميركية”.

 

ماذا سيفعل لبنان بالنفط الخام الإيراني؟

 

بعيداً من مخاطر العقوبات الأميركية، التي لبنان بغنى عنها، يبقى حلّ استيراد النفط من ايران طرحاً “خيالياً” فارغاً، فالجمهورية الإسلامية تعاني في الواقع من شحّ في المشتقات النفطية، وهنا لا بدّ من طرح سؤال بديهي: ماذا ستقوم ايران بتوريده لنا؟ وهل سنستورد النفط الخام الذي يستحيل استخدامه في لبنان بما ان محطات تكرير منشآت طرابلس والزهراني متوقفة عن العمل منذ عقود، فيما تتطلب عملية اعادة تأهيلها ما لا يقل عن 3 سنوات؟

 

في الحقيقة، لا يمكن إدراج البلبلة المثارة والإصرار غير المسؤول وغير العلمي على التسويق لخيار استقبال النفط من دولة معاقبة وتحمل مخاطره، واعتباره بوابة خلاص لبنان من “نظام الدَّولرة” إلّا في اطار المحاولة لإدخال النفط الخام الايراني الى الاراضي اللبنانية، لإعادة تصديره ونقله الى سوريا وغيرها عبر محطات التخزين المملوكة عراقياً والمستثمرة روسياً.