مخاوف من تنامي تهديد «الطائرات الإيرانية” للأهداف الإسرائيلية
أطاح «حزب الله» بالآمال المعقودة على عودة الحياة إلى لبنان مع بداية فصل الصيف الزاخر بتوافد المغتربين، فارضاً أجندته العسكرية بولاءاتها التي تتخطى حدود الدولة اللبنانية، متجاوزاً مساعي ترسيم حدود لبنان الجنوبية وضمان ثرواته، واضعاً قدراته العسكرية بخدمة صاحب الإمرة في إيران بعد تعثر محادثاتها غير المباشرة مع واشنطن في قطر ومعها الآمال المعقودة بالعودة إلى فيينا وإحياء الإتفاق النووي الإيراني.
وعلى الرغم من أن انتهاكات «إسرائيل» المتكررة للأجواء اللبنانية لا تعدّ ولا تحصى، إلا أن طائرات «حزب الله» المسيّرة تتخطى استهداف منصات شركات التنقيب عن النفط والغاز في حقل كاريش المتنازع عليه مع لبنان، لتزامنها مع تنامي الحديث عن «ناتو عربي» للحدّ من تهديدات إيران العسكرية بعد الإعتداءات المتكررة والمتشابهة لفصائلها التي طالت شركة أرامكو في المملكة العربية السعودية واستهداف «مطاري دبي وأبوظبي ومصفاةَ النفطِ في المصفحِ وعدد من المواقع والمنشآت الإماراتية الحساسة».
ويعود إستخدام الطائرات المسيّرة إلى العام 2004 بعد أن وضعتها إيران في خدمة حزب الله لأهداف إستطلاعية، قبل تطويرها خلال حرب تموز 2006 وعمله لاحقا على رفع قدراتها التهديدية منذ ذلك الحين وصولاً إلى تزويدها بالمتفجرات، لتتمكن منذ العام 2018 في استخدامها لضرب أهدافها بدقة.
ومن المفارقة، أن الطائرات نفسها التي يستخدمها «الحوثيون» في استهدافهم لمنشآت النفط في دول الخليج العربي تتلاقى ومسيّرات «حزب الله» الإستطلاعية لشركات التنقيب عن النفط والغاز على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية قرب حقل كاريش «النفطي»، مع اتساع رقعة التساؤلات حول مستقبل النفط والغاز في العالم في ظل التهديدات التي فرضتها الحرب الأوكرانية – الروسية على مستقبل إمدادات الغاز إلى أوروبا والعالم.
وأدخلت إسرائيل المسيّرات منذ العام 2019 إلى تهديداتها الفعلية للسيادة اللبنانية، بعد استهدافها المركز الإعلامي لـ «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية في 25 آب 2019.
أما «حزب الله» الذي يعتمد استراتيجية الغموض في عملياته العسكرية والإستطلاعية تجاه اسرائيل، فسجّل إختراق طائراته المسيّرة للأراضي الفلسطينية المحتلة بعدة طلعات منذ 2020، منها ما أعلن عنها وأخرى أعلن الجيش الإسرائيلي عن اعتراضها وإسقاطها محملاً الحكومة اللبنانية المسؤولية. وهذا ما حصل مع إعلان الجيش الإسرائيلي إسقاط طائرة مسيرة تابعة لـ «حزب الله» قادمة من لبنان واخترقت المجال الجوي الإسرائيلي في 26 آذار 2020. ليتكرر الأمر في 27 نيسان 2021، مع إعلان الجيش الإسرائيلي، إسقاط طائرة مُسيّرة تابعة لـ»حزب الله»، والعثور على مُسيّرة أخرى «تم إسقاطها على الحدود اللبنانية» في وقت سابق.
وبعد أقل من أسبوع على إطلاق «حزب الله» 19 صاروخاً على أراضٍ مفتوحة في الجولان، أعلن الجيش الإسرائيلي إسقاط مسيرة قرب الخط الأزرق في 11 آب 2021.
ومع حلول العام الحالي، ودخول إيران مرحلة جديدة من التصعيد مع المجتمع الدولي، تنامت التهديدات عبر الطائرات المسيّرة على أكثر من جبهة، وليس آخرها تأكيد «حزب الله» إرسال 3 طائرات مسيرة باتجاه حقل «كاريش» الغني بالموارد الطبيعية (الغاز الطبيعي) في المنطقة البحرية «المُتنازع عليها» مساء السبت في 2 تموز 2022، وذلك إثر التوتر الذي تسبب به استقدام إسرائيل سفينة حفر وتنقيب عن الغاز في حقل كاريش للقيام بمهام استطلاعية.
وفي توقيت سابق من العام الحالي، سجّل الجيش الإسرائيلي إسقاط طائرة مسيرة تابعة لـ «حزب الله» تجاوزت الحدود في منطقة المالكية في 17 أيار 2022، كما تزامن إعلانه عن إسقاط طائرتين مسيرتين إحداهما من غزة والأخرى من لبنان في 17 شباط 2022، ليتبنى «حزب الله» في اليوم التالي (18 شباط 2022) إرسال مسيّرة مطلقاً عليها اسم «حسّان» في مهمة استطلاعية لمدة 40 دقيقة وصلت إلى عمق 70 كيلومتراً وذلك بعد إعلان الجيش الإسرائيلي فشله في اعتراضها.
ومع بداية العام الحالي، وعلى الرغم من اعتراف إسرائيل بفقدان العديد من طائراتها المسيرة في السنوات الأخيرة واسقاط «حزب الله» للعديد منها على الحدود اللبنانية، اعلن تقرير تابع للجيش الإسرائيلي اسقاط مسيرة تابعة لـ «حزب الله» في 4 كانون الثاني 2022، رغم رصد تراجع في تسلل طائرات مسيّرة تابعة لـ «حزب الله» خلال 2021. ووفق التقرير نفذت مسيّرات «حزب الله» 74 طلعة عبر الحدود الإسرائيلية في 2021 مقابل 94 في العام السابق 2020، إلى جانب إطلاق 31 صاروخاً وقذيفة من لبنان نحو إسرائيل في 2021، تم الرد عليها بنحو 15 صاروخاً من الطائرات المقاتلة الإسرائيلية ونحو 200 قذيفة مدفعية.
رغم تأكيد الجيش الإسرائيلي رصد وحدات الرقابة الجوية للإختراقات التي يقوم بها «حزب الله» عبر مسيّراته، إلّا أنّ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتخوف دائماً من «وقوع هجوم بطائرات مُسيرة من إيران» على أهداف إسرائيلية، وسط تقديرات بأن «المحاولات الإيرانية لشن هجوم بواسطة طائرات مُسيرة على أهداف إسرائيلية، ستتواصل».