هذا ما صرّح به الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي بـ»رد قاسٍ» يشمل تدمير حيفا وتل أبيب في حال أقدمت على أي تحرّك ضد بلاده، وذلك رداً على رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بمواصلة المعركة لمنع طهران من تطوير سلاحها النووي.
هذا الكلام جاء في كلمة ألقاها خلال عرض عسكري لمناسبة يوم الجيش الايراني، وجّه فيها ثلاث رسائل:
أولها: دافع عن الأنشطة الايرانية في الدول العربية قائلاً إنّ القوات الايرانية ستجلب الأمن للمنطقة.
والرسالة الثانية: ان القوات الايرانية ستشد على يد من يريد أن يحافظ على الأمن في المنطقة.
أما الرسالة الثالثة فوجهها الى القوات الاجنبية في المنطقة خصوصاً القوات الاميركية، وزاد: ان عليها أن تغادر المنطقة على وجه السرعة.
وفي الرسالة الثالثة وجه أيضاً رسالة الى اسرائيل قائلاً: إنّ الأعداء وبخاصة اسرائيل تلقوا رسالة مفادها ان أدنى تحرك ضد الجمهورية الاسلامية سيقابل برد قاس وسيصاحب ذلك تدمير حيفا وتل أبيب.
ذكرني هذا الكلام بالمرحوم أحمد الشقيري الذي كان يهدّد برمي اليهود في البحر؟ فردّ عليه اليهود باحتلال 4 مناطق عربية هي: سيناء في مصر، ومرتفعات الجولان في سوريا، والضفة الغربية وغزة وما تبقّى من فلسطين، وكان ذلك عام 1967، وذلك خلال أربعة أيام، وبدون الدخول بالأسباب والتصريحات قبل وبعد تلك الحرب التي قضت على أي أمل عربي في استرجاع القدس، والتي أدّت كذلك الى قيام منظمة التحرير الفلسطينية التي قررت القمة العربية عام 1974 في الرباط اعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وبعدها جاءت «قمة القاهرة» عام 1969 التي قرّر فيها العرب أن يسمح للفلسطينيين بحمل السلاح للدفاع عن المخيمات في لبنان والسماح للمقاومة بالقيام بعمليات عسكرية لتحرير فلسطين انطلاقاً من الجنوب اللبناني.
طبعاً ما حصل ان قرار القمة العربية عام 1969 كان المسمار الأول في نعش الدولة اللبنانية، والذي أوصل الدولة الى ما هي عليه اليوم بغض النظر عن صواب أو خطأ القرار.
النتيجة كانت تدمير لبنان لينتقل من احتلال فلسطيني الى احتلال سوري وإلى احتلال إسرائيلي وأخيراً الى احتلال إيراني… وما زال الاحتلال الأخير قائماً.
وهذا التهديد الذي أطلقه الرئيس الايراني يؤكد ان سوريا ولبنان أصبحا مستعمرتين إيرانيتين، وأنّ إيران هي صاحبة الكلمة في موضوع قرار الحرب مع إسرائيل أو عدمه.
فما معنى ان يقول رئيسي إنه سيدمّر تل أبيب وحيفا؟ السؤال البسيط من أين؟ بكل صراحة ووضوح ستكون المنصة التي يطلق منها الصواريخ الايرانية في جنوب لبنان أو من سوريا وتحديداً من المنطقة التي يحتلها الجيش الايراني والحرس الثوري في جنوب سوريا والمنطقة القريبة من الجولان.. أي منطقة مطار دمشق والغوطة بعد الاحتلال الايراني بحجة حماية ودعم تثبيت نظام بشار الأسد.
نعم بكل صراحة قالها الرئيس الايراني.. لقد هدّد إسرائيل من لبنان ومن سوريا وليس من إيران.
من ناحية ثانية، فإنه يهدد أيضاً أميركا، ويقول إنه يجب عليها الخروج من العالم العربي. من هنا نقول للرئيس رئيسي:
أولاً: منذ قيام الثورة السورية عام 2011 وإلى يومنا هذا يكاد لا يمر أسبوع إلاّ وتشن غارة إسرائيلية على سوريا، وتحديداً على أماكن تواجد الحرس الثوري والقوى التابعة للجيش الايراني. وطبعاً يكون الرد السوري والايراني صمتاً وسكوتاً تاماً. اما السوريون فإنهم يقولون إنّ الرد على الاعتداءات الاسرائيلية سيكون في المكان والزمان المناسبين، ويبدو ان هذا الوقت لم يحن بعد.
ثانياً: القوات الاميركية موجودة في سوريا، وفي المناطق الغنية بالنفط والغذاء منذ بداية الثورة عام 2011، وتستثمر الأراضي وتستخرج النفط، وحتى يومنا هذا لم تتجرّأ القوات الايرانية أو ما يسمّى بالجيش السوري أو حزب الله أو الحرس الثوري على القيام بأي عملية.. علماً انه لو كانت هناك إرادة حقيقية ولم يكن هناك اتفاق تحت الطاولة بين أميركا وإسرائيل وإيران لكان ما يقوله رئيسي كلاماً مهماً.
ويقول رئيسي في البند الثاني أيضاً إنّ القوات العسكرية الايرانية ساهمت الى حد كبير في تأمين الأمن في الدول العربية… وهنا نسأل رئيسي:
كيف كانت سوريا قبل التدخل العسكري الايراني، وكيف تحوّلت من دولة لا ديون عليها حتى ولو كان الدين ديناراً واحداً الى دولة مفلسة تحتاج الى ألف مليار دولار كي تعود الى ما كانت عليه؟
ونسأله كذلك كيف كان العراق قبل دخول الحرس الثوري و»فيلق القدس» بقيادة قاسم سليماني إليه… وكيف تحوّل من ثقافة الحياة الى ثقافة الموت؟
لقد انقلب العراق من أغنى بلد عربي الى بلد فقير وذلك بفضل موضوع التشييع الذي جاء به الحرس الثوري.
وأسأله ثالثاً: ماذا عن لبنان قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكيف صار بعد عملية الاغتيال..؟ وأذكّره بأنّ الجريمة المنكرة والمروعة تلك معروفة أسبابها ومن قام بها ومن خطط لها…
لقد كان لبنان جنّة وتحوّل بفضل إيران وجماعاتها الى جهنم. أذكّره بكل هذا وأقول: على من تقرأ مزاميرك يا داود؟