IMLebanon

الدعائية الإيرانية فاقمت المخاوف من التوسّع العرب يحذّرون أميركا ولا يملكون استراتيجية

تتمتع ايران بقدرة دعائية ضخمة وفق مصادر ديبلوماسية بحيث دفعت الانظار والاهتمام في اتجاه بعيد من اي تنازلات تقدمها من اجل وضع حد لملفها النووي في المفاوضات القائمة مع الدول الخمس الكبرى زائد المانيا واثارت مخاوف لدى جيرانها من توسع نفوذها في مقابل ” القلق ” الذي قال مسؤولون اميركيون انه ينتابهم من التدخل الايراني في العراق. فبالكاد يأتي ذكر اي كلام عن تنازلات ايرانية في حين ان الصراع الاميركي الداخلي بين الادارة الاميركية والكونغرس من جهة وبين الادارة وحليفتها التاريخية اسرائيل حول ما قال رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو انه اتفاق سيئ يترك لايران كل قدرتها في الاعداد للاسلحة النووية عزز الانطباعات ان التنازلات الكبيرة تقدمها الولايات المتحدة والدول الكبرى المفاوضة اكثر من ايران. وانسجاما مع هذا المنحى الذي قد يكون يرمي الى المساهمة في تبليع الاتفاق النووي في الداخل الايراني واتاحة مجال اكبر لفريق الرئيس الايراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بعيدا من المتشددين في الحرس الثوري خصوصا في ظل اعتقاد ان ثمة تنازلات يجب ان يبديها الطرفان المفاوضان، فان المنطق الغربي لا يسوق كثيرا للاتفاق بحسابات الربح والخسارة لكل من الاطراف المعنيين وان كان يتحدث عن تجميد قدرات ايران ومنعها من متابعة جهودها في اتجاه امتلاك القدرة على انتاج اسلحة نووية.

القدرة الدعائية نفسها تراها المصادر نفسها في خروج مواقف ايرانية استفزازية الى العلن الى درجة ظهور خطر تنظيم الدولة الاسلامية بمثابة نزهة امام المخاطر التي باتت تشكلها المطامع الايرانية في المنطقة أولاً على الاقل بالنسبة الى دول عربية عدة يظهر اعلامها مدى الاستفزاز الذي تثيره ايران باعلانها سيطرتها على عواصم عربية عدة ومضيها في قيادة المعارك مباشرة في سوريا والعراق استنادا الى ما يعلنه قادة ومسؤولون ايرانيون في هذا الصدد. اذ فيما تنظيم داعش آيل الى الانتهاء عاجلا او اجلا في ضوء الحرب عليه او سواه من الاعتبارات، فان التوسع الايراني هو الذي يشكل الازعاج الاكبر والحقيقي.

ما بدا ان الدول العربية نجحت فيه أخيراً هو دفع الولايات المتحدة الى رؤية المخاطر الايرانية من وجهة النظر العربية خصوصا ان تطورات الحرب على تكريت التي انخرطت فيها ايران مباشرة او عبر دعم الميليشيات الشيعية اشعرت الاميركيين بخطر حرب يقودها الشيعة ضد السنة حيث اكد رئيس هيئة الاركان الاميركية المشتركة مارتن ديمبسي الذي زار العراق اخيرا قلقه من الدور الايراني هناك. هذا النجاح محتمل من خلال تلاقي المصالح مع الولايات المتحدة التي تعتبر ان لها مصالح حيوية في العراق من خلال حكومة وحدة وطنية تستوعب السنة. وهو تمثل على ما يبدو في اعلان وزير الخارجية الاميركي جون كيري في الجلسة امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ عن اجتماع يعقد في واشنطن الشهر المقبل (بحيث تكون توضحت احتمالات اعلان اتفاق اطار مع ايران حول ملفها النووي) ويشارك فيه زعماء الدول الخليجية من اجل مناقشة الخطوات اللازمة لمواجهة ايران. اذ ان الولايات المتحدة تجنبت حتى الآن مقاربة اي انتقاد لطهران حول انخراطها في حروب المنطقة من اجل انجاح المفاوضات على الملف النووي.

لكن هل سيكون ممكنا الشهر المقبل مناقشة سبل مواجهة ايران في المنطقة على رغم اعتقاد كثر بعدم وجوب الرهان على تدخل اميركي من اجل دحض المكاسب الايرانية خصوصا في ضوء اعلان كيري في الجلسة نفسها ان التفويض التي تسعى اليه الادارة الاميركية من اجل مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية لا يشمل حماية مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة من قصف النظام لهؤلاء بالبراميل المتفجرة، ما يفيد باستبعاد خرق الالتزام الذي قطعه الرئيس الاميركي لمرشد الجمهورية الاسلامية في تشرين الاول الماضي حول عدم استهداف التحالف الدولي مواقع النظام السوري، وذلك في الوقت الذي تشكل سوريا احدى ابرز المناطق من اجل تضييق هامش التدخل الايراني. والى ذلك الا يحتمل ان يعقد اجتماع مماثل يناقش سبل مواجهة ايران توقيع اتفاق نهائي معها على ملفها النووي في حزيران المقبل؟

تعتقد المصادر المعنية ان الدول العربية لا تستطيع ان تستمر بالشكوى من التوسع الايراني او تتوقع ان تستدرك ايران وحدها المحاذير الخطيرة لتمدد نفوذها من احتمال اثارة فتنة سنية شيعية او انتظار الولايات المتحدة التي لن تتدخل على الارجح لاعتبارات كثيرة باتت معروفة. فثمة ما هو مطلوب من هذه الدول في اعتماد استراتيجية مختلفة ازاء ذلك خصوصا ان كثرا تابعوا باهتمام عن كثب اللقاءات المتعددة التي اجراها الملك السعودي مع زعماء تركيا ومصر وقطر وباكستان وسواها من الدول قبل اسابيع كما راقبوا باهتمام زيارة وزير الخارجية الاردني ناصر جودة قبل ايام الى طهران ولقائه نظيره الايراني الى جانب دعوته الى اجراء حوار عربي ايراني في مقابل زيارة قام بها رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني قبل ايام لقطر. وتاليا فان ثمة تعويلا على سياسة عربية لاحتواء طموحات ايران في ضوء هذه المساعي او الاعداد لسياسة من هذا النوع في حال لم يتم التوصل الى واحدة بعد.