باكراً بدأت حمى السباق الغربي الى طهران، القطط الأوروبية تريد الحصول على حصة من الجبنة الإيرانية، فليس هناك الآن من فرص اقتصادية جيدة في الأسواق الدولية، في حين سيوفّر الإتفاق النووي مروحة من المغريات الايرانية:
١ – النفط الإيراني يستطيع ان يسد الفراغ الذي قد يتركه أي إجراء روسي رداً على دعم دول الأتحاد الأوروبي لأوكرانيا، وايران دولة نفطية كبيرة لها وزنها في سوق الطاقة ومن مصلحة الدول المستهلكة التقرّب منها!
٢ – ان مبلغ ١٠٠ الى ١٥٠ مليار دولار ستوجد فرصاً إستثمارية مغرية على صعد كثيرة من قطاع الطيران الى صناعة السيارات الى عمليات التكرير النفطي، وايران التي تخرج من عقوبات طويلة هي سوق شرهة في حاجة الى كل شيء تقريباً، بما يعني ان قالب الجبنة كبير والقطط جائعة!
وهكذا سارع الأوروبيون أمس الى دعم باراك اوباما ضد الكونغرس المتشكك من الإتفاق، ففي بروكسيل أشاد وزراء خارجيتهم بإقرار مجلس الأمن الإتفاق، وشددوا على انه “لا حل أفضل آخر متاحاً” حرفياً كما يكرر اوباما منذ ايام!
فرنسا التي كانت أكثر تشدداً من اميركا خلال المفاوضات إتّخذت موقفاً إستلحاقياً، لم يعد لوران فابيوس يرفع شروطه في وجه محمد جواد ظريف، فهو يقول عشية سفره خلال أيام الى طهران “انه إتفاق متوازن، يعني ان ايران لن تحصل على قنبلة نووية، انه إتفاق سياسي كبير”. هذا الكلام لا يسرّ قلوب المسؤولين الإيرانيين بمقدار ما يسعد مثلاً شركة “توتال” وشركات السيارات الفرنسية التي كان لها حضور قوي في ايران قبل العقوبات!
لكن سيغمار غبريال نائب المستشارة الإلمانية أنغيلا ميركل سبق فابيوس الى طهران بداية الأسبوع، فالمانيا التي حفظت دائماً عبر الديبلوماسية السرية خطوط الإتصال مع طهران، تريد الحصول على حصة الأسد، لهذا تسرع الخطى بعدما تبيّن أن وفوداً من رجال المال والأعمال الأميركيين والبريطانيين وصلت الى ايران قبل أسابيع، أما ديفيد كاميرون فيخطط ليكون العلم البريطاني أول علم غربي يرفع مجدداً في طهران!
البازار مفتوح على مداه فالروس هناك منذ زمن لكنهم ليسوا منافسين أقوياء، ولعل أفضل وصف للوضع ما كتبته كارين هاوس في صحيفة “وول ستريت جورنال” من ان الإيرانيين يحتفلون بالنصر واوباما يتبادل التهاني مع مساعديه في البيت الابيض على ما يعتبره إنجازاً تاريخياً، بينما يسيل لعاب الأوروبيين على ما يوفّره الإتفاق من فرص للإستثمار والتعامل التجاري مع طهران.
ولكن ماذا يفعل السعوديون والخليجيون والمصريون والعرب؟ يغرقون في التحليلات في حين أنهم يحتاجون الى عشر سنين تبدأ فوراً اليوم، ليكونوا على موعد مع عودة ايران الى النووي، هذا اذا نفذت الأتفاق فعلاً!