IMLebanon

خط أحمر ايراني  يبلبل حسابات المنطقة

المرشد الأعلى علي خامنئي يقلب الطاولة على الجميع، بعدما أدت دورها في التوصل الى اتفاق فيينا. وليس أكبر من صدمة الداخل سوى صدمة الخارج برسم خط أحمر يفرض اعادة النظر في كثير من الحسابات والرهانات. ففي خلال المفاوضات على الملف النووي بين ايران ومجموعة ٥١ كانت الحسابات الاقليمية والدولية تراوح بين الاستعداد لتحديات النجاح وبين الإعداد لمواجهة تحديات الفشل. وبعد التوصل الى الاتفاق كبرت الرهانات على التفاوض بين واشنطن وطهران للتفاهم على رسم النظام الاقليمي، في أعقاب ما تصور كثيرون انه أهم تحوّل استراتيجي في الشرق الأوسط منذ انتصار الثورة الاسلامية. وأقل ما دارت الرهانات عليه وكثرت السيناريوهات حوله هو ترتيب تسويات للشغور الرئاسي في لبنان والحروب والأزمات في العراق وسوريا واليمن.

لكن خامنئي الذي أشاد بادارة الرئيس حسن روحاني والوزير محمد جواد ظريف للمفاوضات النووية، أعاد تذكيرهما والآخرين بأن أميركا لا تزال كما سمّاها الإمام الخميني الشيطان الأكبر. فهو يسخر من تلميع صورة أميركا التي لا تخفي عداءها لايران ويرى ان العداء لأميركا من أسس الثورة الاسلامية. وهو يرفض التفاوض مع أميركا على أي موضوع خارج الملف النووي. لا بل انه يرسم اقوى خط احمر بالقول: لم نعط اذناً لتفاوض حول مواضيع اخرى، ولن نفعل ذلك.

والسؤال هو: هل هذا قرار لا مجال لأية مرونة فيه ام انه موقف لفرض التفاوض من موقع قوة؟ هل ما يقلق النظام الاسلامي هو القوة الصلبة الأميركية أم القوة الناعمة الى حد ان الخط الاحمر الآخر الذي رسمه خامنئي هو القول: لن نسمح بالتغلغل الأميركي الاقتصادي ولا السياسي ولا الثقافي؟ واذا لم يكن في المستقبل القريب تفاوض أميركي – ايراني على صورة النظام الاقليمي. فهل نحن عشية فصل آخر من اللعبة المفتوحة التي يحاول فيها كل طرف ان يفرض ما يمكنه من نفوذ ويأخذ ما تعطيه قوته من حصص؟

الأجوبة ليست نظرية بمقدار ما ستظهر على الارض. فالرئيس باراك اوباما الذي ربح معركة الاتفاق النووي في الكونغرس من دون اللجوء الى الفيتو يبلغ حلفاء أميركا التقليديين انه ليس في صدد تحالف مع ايران على حسابهم بل في مسعى لترتيب نظام اقليمي قائم على توازن قوى. وخامنئي يتصرف على أساس ان طهران قادرة على قيادة شرق اوسط اسلامي. وبقية القوى الاقليمية تحتاج الى وقت لتغيير حساباتها بعدما اصطدمت رهاناتها بالتردد الأميركي والاندفاع الروسي والعزم الايراني، وبدت حروب سوريا والعراق واليمن عصية على الحلول العسكرية والسياسية.