الجمود الذي يسود الوضع السياسي الداخلي مفسحاً المجال لتطورات الامن الجنوبي، مرشح للتمدد مرة جديدة الى ما بعد عطلة الفطر الممدة فعليا حتى الاسبوع المقبل، وسط المعطيات عن ان المحادثات الجارية في مصر لن تفضي الى اعلان رسمي عن هدنة، باتت عمليا سارية بحكم الامر الواقع، مع تراجع العمليات في القطاع، في وقت اشتعلت جبهتا الجنوب والضفة الغربية.
فبين تطورات الاقليم الملتهبة باستهداف “اسرائيل” للقنصلية الايرانية في دمشق وقافلة الاغاثة الانسانية الدولية في قطاع غزة، وبين الانشغال اللبناني الداخلي بالشؤون الحياتية والاجتماعية في غياب اي بصيص امل رئاسي، ينقسم المشهد السياسي الغارق في رتابة وجمود للحركة غير معهودين، لم يكن ينقسهما سوى التطورات الامنية بابعادها الفتنوية.
على هذا الواقع، تقفل ايام العمل الرسمي بنكهة امنية، عنوان ملفها الاول: الهجرة غير الشرعية الى اوروبا عبر قبرص، التي وجهت رسائل “تحذير” الى لبنان، بعد النجاح “المشبوه” للمراكب الخمسة بالوصول الى الجزيرة. اما الثاني، فهو عملية خطف مسؤول “القوات اللبنانية” في جبيل، وما رافقها من ردود فعل في الشارع ومواقف مسيحية متضامنة، دفعت الى التحرك الامني السريع “للملمة” الوضع قبل انفلات الاوضاع وبلوغ فتنة، البست اسبابها لعظة البطريرك الراعي التصعيدية من جهة، ولمواقف الاطراف السياسية المسيحية من جهة ثانية.
مصادر ديبلوماسية اشارت الى ان طهران كانت جهزت منذ يومين صواريخ من نوع “كاسر خيبر”، تعمل بالوقود الصلب، قادرة على اصابة اهدافها في “تل ابيب”، حيث علم ان احدها كان مقر وزارة الدفاع “الاسرائيلية”، فيما تردد ان الثاني كان سيستهدف مقر الحكومة، الا ان اوامر قضت بوقف العملية في الدقائق الاخيرة، رغم ان الصواريخ قد تم تحضيرها.
وتتابع المصادر، بان الرصد الاميركي تمكن من تحديد موعد اطلاق الصواريخ، فتم التواصل مع احدى الدول العربية التي تدخلت بدورها لدى الجمهورية الاسلامية، ناقلة رسالة صريحة من الاميركيين، من ان “اسرائيل” سترد بعنف وستقوم بضرب مفاعل “اراك”، وهو ما سيضطر واشنطن الى التدخل، وبالتالي ستنهار المفاوضات الاميركية – الايرانية، وستدخل المنطقة دوامة حرب مدمرة، سيقف العالم فيها ضد محور المقاومة.
وكشفت المصادر ان موعد الضربة حدد بان يكون بعيد انهاء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمته، وان غرفة العمليات في حارة حريك وضعت في جو العملية، لذلك كان طلب السيد نصر الله ضرورة الاستعداد والجهوزية.
وفي هذا الاطار، اكدت المصادر ان المنطقة نجت من “قطوع” كبير وخطير، غامزة من القناة “الاسرائيلية”، اذ على طبيعة الرد على الرد سيتوقف مصير الكثير من دول المنطقة، وقد يكون استقرار النظام الايراني، وهو ما دفع بطهران الى اعادة تقويم الوضع ودرس المعطيات، خصوصا ان استراتيجيتها تقوم على تمرير المرحلة قبل الانتخابات الاميركية، ليبنى حينها على الشيئ مقتضاه لجهة الذهاب نحو الحرب المفتوحة، او انجاز التسوية الاقليمية المتوقعة، بعدما تخطت الاطراف جميعها مسألة الحرب في غزة، وباتت الامور في مكان آخر.