ينشغل العالم هذه الأيام باحتمالات الرد الإيراني على إسرائيل بعد مقتل إسماعيل هنية في طهران، مما اعتبرته إيران انتهاكاً فاضحاً لسيادتها لا ينبغي السكوت عنه، لأن عدم الرد يشكّل حافزاً للدولة العبرية للمضي في اعتداءاتها في المستقبل القريب والبعيد، مما سينعكس على سمعة الجمهورية الإسلامية وعدم أهليتها لتكون الدولة العظمى في الخليج الفارسي ككل. ولم تتوقف المتابعة على وسائل الإعلام وعواصم القرار في مختلف أنحاء العالم، بل استتبع ذلك بتحركات ميدانية شملت تحرك الأساطيل الأميركية وحاملات الطائرات الهجومية المزوّدة بطائرات شبح مقاتلة من طراز F35 C إلى منطقة النزاع في الشرق الأوسط، والإعلان عن توجه غواصة نووية مزوّدة بصواريخ كروز، وهذا ما يحدث للمرة الأولى حيث أن تحركات الغواصات النووية الأميركية في العادة تبقى طي الكتمان، ولا يعلن عن نقاط تمركزها لأسباب بحت لوجستية وعسكرية.
فما هو الهدف من القوة البحرية الأميركية؟
لقد جاء تعزيز القوى البحرية الأميركية في المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط بُعيد اتصال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بنظيره الأميركي لويد أوستن، حيث أعرب الوزير الإسرائيلي عن تخوّفه من الهجوم الإيراني وتداعياته على وجود الدولة العبرية ككل، هذه الدولة التي وبالرغم من قوتها العسكرية وسيطرة سلاح جوها على الأجواء لن يكون بمقدورها الدفاع عن نفسها، والصمود أمام إيران أكبر قوة عسكرية في المنطقة والتي تملك العدد الأكبر من الصواريخ التي يمكّنها من الوصول إلى إسرائيل وضربها في العمق، لا سيما بعد التطوير الأخير الذي أدخله الحرس الثوري الإيراني والذي سيمكن الصاروخ الباليستي باوه-351 الذي بمقدوره قطع مسافة 1900كم بحوالي الساعتين والوصول إلى فلسطين المحتلة. كل هذه الأجواء المحتدمة والمخاوف الإسرائيلية دفعت بالولايات المتحدة للتحرك والوقوف عند المتطلبات الإسرائيلية. ولكن هل هذا يعني دخول الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل رسمياً بالحرب؟ وهل تتحمّل الولايات المتحدة مثل هذه المغامرة الإسرائيلية التي ستنعكس على الداخل الأميركي وربما قد تنعكس سلباً على نتائج الانتخابات الرئاسية؟
قوة ردع أميركية مترافقة مع جهود دبلوماسية حثيثة
مع استعراض القوة العسكرية في المتوسط فإن الولايات المتحدة قد بعثت برسائل تشجيعية إلى إيران، ليس آخرها مفاوضات وقف إطلاق النار المتوقع حصولها يوم الخميس المقبل بين مصر وقطر وإسرائيل برئاسة William Burns مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA ويتخذ هذا الوجود الرفيع للمفاوض الأميركي قيمة مضافة قد تساعد في الدفع قدماً بالمفاوضات، والوصول إلى ما عُرف بخطة بايدن للوصول إلى إنهاء الحرب في غزة. وهذه الخطة تتضمن ثلاث مراحل وهي:
المرحلة الأولى تنص على وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع وانسحاب إسرائيل من كل المناطق المأهولة في غزة. في المقابل إفراج حماس عن عدد من الأسرى المحتجزين وبينهم نساء ومسنّون ومصابون، على أن تعاد جثامين أسرى قُتلوا، كما تلحظ الإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين، كذلك سيسمح في المرحلة الأولى بعودة المدنيين إلى منازلهم حتى في شمال غزة.
المرحلة الثانية والتي يفترض أن تستمر 6 أسابيع والتي تنسحب بموجبها القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة، وتفرج حماس خلالها عن كافة المعتقلين لديها.
المرحلة الثالثة وتتضمن إعادة إعمار غزة وإرساء الاستقرار فيها بدعم وضمانة الولايات المتحدة.
هل الخميس يغني عن الرد؟
بالطبع لا، ولكن يبقى حجم الرد هو المعيار ومدى التزام العدو الإسرائيلي بعدم الرد كشرط لنجاح خطة بايدن، وما ينطبق على إيران ينطبق على حزب الله وإن كان الحزب في موقع جغرافي أقرب من إيران إلى الدولة العبرية، وبالتالي فإن ردّه سيتسم أكثر بعنصر المباغتة، وما ترقّب وصول آموس هوكشتاين إلى لبنان إلّا لمحاولة دوزنة الرد الحزب اللاهي وإعطاء الحزب ولبنان من المكتسبات بالنسبة للحدود الجنوبية ما قد يشكّل حافزاً للحزب للسير بخطة بايدن، طبعاً هذا إذا تكللت خطة بايدن بالنجاح وتكللت جهود الخميس بالنجاح. فيا هلا بالخميس.