دخلت المنطقة مرحلة جديدة، يمكن وصفها بأنها المرحلة الأخطر، حيث فتحت أبواب التصعيد بشكل أوسع، لا سيما بعد اغتيال اسرائيل، القائد في الحرس الثوري رضي موسوي، الذي وجهت إسرائيل عبره إنذاراً شديد اللهجة لإيران، بضرورة التحسب، قبل أن تتخذ أي خطوة قد تؤدي إلى الحرب.
تختصر أوساط دبلوماسية الوضع الجديد السائر نحو التصعيد، وتصفه بأنه بات يشبه البركان القابل للاشتعال، وذلك للمرة الأولى منذ 7 اكتوبر، وتوجز الأسباب بالآتي:
أولاً: تيّقنت إيران أنّ الوضع الميداني في غزة، بات يميل بسرعة إلى تحقيق تقدم اسرائيلي على الأرض، بعدما استنفدت حركة «حماس»، القدرة على صد الهجوم البري، بفعل الانهاك في القتال المستمر، وباتت خلال أسابيع، مهددة بأن تحاصر مع قيادتها في خان يونس، ما سيعني انتقال التفاوض على مرحلة جديدة، تشبه خروج «منظمة التحرير» من بيروت، وليس على وقف كامل ونهائي لإطلاق النار، وانسحاب اسرائيلي من القطاع. هذا التيقن الإيراني، حدا بإيران إلى تسخين كل الجبهات، وتحريك كل الأذرع، وخصوصاً الذراع الحوثي في اليمن، للضغط على الولايات المتحدة الأميركية لوقف الحرب، وإنقاذ ورقة «حماس»، قبل فوات الأوان.
ثانياً: تيقنت إيران بأن هناك قراراً لا عودة عنه من اسرائيل، بإنهاء حكم حركة «حماس» لقطاع غزة، وبتفكيك بنيتها العسكرية، وتأكدت أنّ هذا القرار، مغطى أميركياً بشكل تام، وهو ما سيعطي إسرائيل المدة الزمنية التي تحتاجها، لإتمام هدفها، كما تيقنت أيضاً أنّ الهدف الثاني والحتمي، يشمل إبعاد «حزب الله» إلى شمال الليطاني، سواء بالدبلوماسية أو بعملية عسكرية، وسيعني ذلك كله أنّ إيران تكون قد خسرت أهم ورقتين تملكهما في المنطقة، ولذلك أوعزت ببدء مرحلة التسخين الإيراني، في كل المنطقة.
ثالثاً: بناء على هذا التسخين المبرمج والتصاعدي، اغتالت اسرائيل وعلى الأرجح بغطاء أميركي، القائد في الحرس الثوري رضي موسوي، كرسالة ردع مسبقة، لإفهام طهران أنّ لا تسوية في غزة، وأنّ لا تراجع عن مطلب سحب «حزب الله» عن الخط الأزرق، ووضع هذا الاغتيال إيران أمام تحدي الرد، فنفذت اختراقاً جوياً من الجولان، نسبته الى فصائل عراقية، والجميع ينتظر رداً آخر وربما نوعياً من لبنان ينفذه «حزب الله».
المنطقة باتت على فوهة بركان، والأسابيع المقبلة ستؤدي الى تطورات ميدانية في غزة، وستترافق مع ردود إيرانية على طريقة القتال التأخيري، وليس مستبعداً أن تخرق إيران خطوطاً حمراً التزمت بها، لمحاولة إنقاذ حركة حماس، وحماية حزب الله، لكن ذلك كله سيكون على تماس مع أميركا، التي تضبط هندسة الحرب وتخطط بعد انتهائها، للتسوية.