Site icon IMLebanon

عمق الدفاع الإيراني وضحايا غزة ولبنان

 

لا يجوز إغفال الدور الإيراني في المعارك الدائرة من البحر الأحمر إلى فلسطين ولبنان، ليصبح من نوع دفن الرأس في الرمال إغفال هذا الدور في تحديد مصير القتال والتسويات المقترحة بشأنه، إن كان في البحر الأحمر أو في غزة أو في لبنان. فإيران طرف أصيل في المعركة ضمن حساباتها وطموحاتها، ولها على الأرض جماعاتها ومريدوها الذين يخوضون حروبها بالوكالة عنها، حتى إذا آن أوان التسويات تتدخل لتقطف هي الثمار غير المتوفرة حتى الآن.

 

أمس بالذات تحدث اللواء يحيى صفوي المستشار الأعلى للمرشد، مرة أخرى، عن طموحات نظامه الاقليمية وعن أدواته التنفيذية. قال صراحةً إن «قائد الثورة عزز جبهة المقاومة خلال هذه الأعوام الـ34 (منذ 1990)، كما استخدم القائد سليماني قدرات الحرس الثوري في هذا الاتجاه، واليوم ترون كيف أذل اليمنيون الأميركيين».

 

كان ينقص أن يقول «إننا نحن من يذلّ الأميركيين». لكنه أضاف شيئاً أكثر خطورة إذ كشف أنّ «عمق دفاع إيران الاستراتيجي هو البحر الأبيض المتوسط، ونحن بحاجة إلى زيادة عمقنا الاستراتيجي إلى خمسة آلاف كيلومتر»! كلامٌ لا يحتاج إلى شروحات كثيرة غير الجزم بأنّ ما تراه طهران من دماء ودمار من لبنان إلى فلسطين ليس سوى ضريبة يجب أن تدفع من أجل الدفع بمشروع هيمنتها الإقليمي وتوسيعه قٌدُماً.

 

في مشروع كهذا لا تعود الهدنة الإنسانية في غزة ضرورية ليأخذ المواطن الفلسطيني نَفَساً، ولا التهدئة في جنوب لبنان حاجة ملحة لمنع المزيد من المآسي عن بلدٍ شبع منها. الضروري بالنسبة للصفوي هو إجبار الطرف الآخر في الصراع الدولي، أميركا، على أن تستجيب لمطالب إيران في رفع العقوبات عنها والعودة إلى الاتفاق النووي، وهو ما لم يتيسر حسب تصريحات حسين أمير عبداللهيان إثر آخر اتصال بينه وبين الوسيط العماني يوم الجمعة الماضي.

 

في ذلك الاتصال ظهر أنّ التواصل الإيراني مع «الشيطان الاكبر» لم ينقطع لكن أميركا لم تفِ «بتعهداتها في موضوع المفاوضات لرفع الحظر عن ايران»، قال عبداللهيان مضيفاً «تثمينه الجهود المتواصلة» (مع أميركا). ويا لها من مصادفة، أن تفشل الاتصالات الأميركية الإيرانية بشأن العقوبات، فتفشل الهدنة في غزة وتوضع التهدئة في لبنان على الرف ويهدد الحوثي بالآتي الأعظم، ثم يعلن الصفوي عن حدود جديدة لنظامه تتعدى البحر المتوسط إلى جبل طارق.