IMLebanon

توافق ايراني ـ سعودي ينتج توازناً نيابياً جديداً؟

وسط الحركة الديبلوماسية الخارجية البارزة في الاتجاه اللبناني، المتمثلة بسلسلة الزيارات المتعاقبة والمتزامنة لموفدين عرب واجانب الى بيروت لاستطلاع المواقف من الازمات الاقليمية ومدى ثبات الاستقرار الدخلي، وفي ظل استمرار الانهماك الامني على وقع العمليات النوعية التي تنفذها الاجهزة المعنية في حربها ضد الارهاب، وفيما تدورالمواقف السياسية في الحلقة المقفلة نفسها، اتجهت الانظار الى الأستانة، الذي سيترك انعكاسه على الواقع اللبناني نتيجة انخراط الاطراف الاقليمية المعنية بالملف اللبناني مباشرة او غير مباشرة فيها.

فخلاصة المحادثات التي انتهت الى ارساء حقائق واضحة الاولى، انتصار دمشق وطهران ومن خلفهما حزب الله، بعد منح الاخيرة دوراً رسمياً لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، وعودتها الى الطاولة بعدما جرى استبعادها سابقا، ثمنا لليونتها في الملف اللبناني، بحسب ما تشير مصادر دبلوماسية غربية، والثانية ظهور موسكو كبطلة المشهد، مثبتة انها القوة الاجنبية الاهم التي شاركت عسكريا في الصراع السوري، اما الثالثة فانتقال تركيا اقله شكلا الى المعسكر الثاني، منتهجة سياسة جديدة، تراجعت خلالها عن شرط تنحي الاسد عن السلطة، اجبر المعارضة السورية على الرضوخ بعد موافقة انقرة الراعي السياسي الأساسي لها، اضافة الى كونها من الناحية الجغرافية، موردهم الأساسي من الأسلحة.

رغم ذلك تعتبر المصادر ان طهران تبعث بإشارات في أكثر من اتجاه تثير تساؤلات عما اذا كانت التسوية السياسية الجاري العمل على رسمها في دوائر القرار الدولي والتي دخلت على خطها مباشرة واشنطن بادارتها الجديدة، بعد انكفاء، ستفتح الطريق أمام حلحلة في المواجهة القديمة المفتوحة بين ايران والعرب من البوابة السعودية، باعتبارها ضرورة لا بد منها لضمان بعض المصالح في المنطقة، قد تطيحها التسويات السياسية ما لم تسارع الجمهورية الاسلامية الى الانخراط في المنظومة السياسية الجديدة والتخلي عن المواجهات العسكرية.

ولعل من ابرز هذه الاشارات ما كشفه وزير الخارجية الايرانية من دافوس، عن تفاهم سعودي-ايراني افضى الى التسوية الرئاسية اللبنانية، فاتحا الباب امام تجربة مماثلة على الساحة السورية، قد تكون ادت فيها انقرة دور ممثل الرياض. كلام  اعتبرته المصادر الديبلوماسية كمحاولة لفك اشتباك بين البلدين ورسالة مد يد لاعادة بناء الجسور، لا يمكن عزلها عن المسار السياسي الذي تنحو في اتجاهه ازمات المنطقة، بحسب المصادر التي عزت الانفتاح الايراني على الحلول السياسية الى مجموعة عوامل وتحولات دولية فرضت اعادة قراءة لمجمل الاوضاع، لعل اهمها وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى البيت الابيض ورغبته المعلنة بإعادة امساك واشنطن بزمام الامور في الشرق الاوسط، وابداؤه رغبته برسم اطار للتسويات في المنطقة بالتعاون مع نظيره الروسي،

حسابات فرضت على طهران استباق التحركات الاميركية في رأي المصادر، والتخلي عن سياسة المواجهة المفتوحة مع العرب واستبدالها بأخرى صديقة تحفظ لها موطئ قدم في ضوء الرفض العربي المطلق لدورها كشريك في القرارات العربية، عاكسة بصورة اكبر رغبة في الانفتاح والتقدم في اتجاه تقديم تنازلات سياسية قد تسهم في تطور مسار التسويات السياسية، وهو ما ظهرت بوادره اقليميا في رعاية مؤتمر استانة من جهة وقبلها داخليا في لبنان باجراء الانتخابات الرئاسية وما تلاها من ترتيب تسارعت فيه وتيرة الانجازات، بدفع ايجابي من جانب حزب الله، لتأليف حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي قبله الحزب بعدما كان يرفع لاءات كبيرة في وجه عودته الى السراي.

وفي هذا الاطار تعتمد طهران سياسة اغراق لبنان برحلات مسؤوليها اليه بحسب المصادر الغربية، محملين بشتى انواع الرسائل التي تلتقي عند تاكيدها على ان لها اليد الطولى على التحكم في مسار الوضع اللبناني، من زيارة عبد اللهيان مرورا مستشاره للشؤون العربية والافريقية حسين جابر الانصاري، وصولا الى رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي، عشية توجّه رئيس الجمهورية الى الرياض، التي تتعامل بارباك مع الساحة اللبنانية، والذي بدا جليا في عدم متابعتها الجدية حتى الساعة لنتائج الزيارة الرئاسية، بانتظار تبلور صورة قد تطول.

فهل ينعكس ذلك تسوية جديدة لقانون انتخابات نيابية يرعى توازنات الطرفين الاقليميين وما يمثلان على الساحة الداخلية؟