IMLebanon

الاجتماع الإيراني – السعودي طبخة «بحص»

 

 

تشير بعض التقارير الى بدء ذوبان جليد العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، في خطوة قد تقود الى تطبيع العلاقات الثنائية… لكن يبقى من  غير المحتمل أن يصل الأمر الى نهاية سعيدة… فقد اعتدنا على «التنكّر الإيراني» للمواثيق والاتفاقيات.

 

لقد شهد العام الجاري لقاءات جمعت بين مسؤولين من البلدين «الخصمين اللدودين» في منطقة الشرق الأوسط. فخلال العام استضافت بغداد خمسة اجتماعات معلنة بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين… وكانت المملكة قد قطعت علاقاتها مع إيران عام 2016، على وقع تصاعد الأزمة بين البلدين… كما تزايدت حدّة الخلافات بين البلدين في كافّة القضايا الإقليمية خصوصاً في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، رغم ان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان قد أعلن عن أمله في أن تؤدي المحادثات السعودية – الايرانية الى نتائج ملموسة لبناء الثقة وإحياء العلاقات بين «الجيران».

 

لكنّ الوقائع -رغم كل التقارير التفاؤلية- تشير الى عكس ذلك، فالاتفاق مع إيران والاجتماعات المتكررة مع مسؤوليها، ليسا سوى طبخة بحص..

 

كلامي هذا لا يعني اننا ضد الاتفاق، فكل واحد منا يتمنى -وبصدق- أن تنجح المفاوضات بين الطرفين، فيعمّ السلام والوئام مكان العنف والتدخل في شؤون الدول المجاورة.. كما تفعل إيران في اليمن بمساندة الحوثيين، وفي العراق بمساندة الميليشيات الموالية لها كـ «الحشد الشعبي» وغيره.. وكما تفعل في لبنان من خلال دعم حزب الله باعتراف أمينه العام السيّد حسن نصرالله حين قال: «إنّ أسلحته وثياب عناصره وطعامهم والمصاريف الأخرى كافّة هي من إيران».

 

نتمنى أن يعم السلام الدائم، ولكن… هناك جملة  تساؤلات، لا بدّ من طرحها بكل موضوعية ودقة وتأنٍّ:

 

أولاً: هل تنوي إيران فعلاً… التخلي عن فكرة تشييع شعوب الدول المجاورة ولو بالقوة… هذه الفكرة التي قام على أساسها «نظام الملالي».. رغم معرفة قادة الجمهورية الاسلامية ان عدد السنّة في هذه المنطقة يزيد على المليار والخمسمائة مليون، في حين ان عدد الشيعة قليل جداً.

 

ثانياً: هل ستوقف إيران تدخلاتها في لبنان عن طريق «الحزب العظيم»؟ فاللبنانيون ممتنون لإيران لمساعداتها في تحرير لبنان… لكن التحرير انتهى عام 2000، فما معنى تدخلاتها في كل شاردة وواردة في الشؤون اللبنانية..

 

إنّ إيران تقدّم سنوياً ما لا يقل عن مليار دولار رواتب لعناصر الحزب في لبنان إضافة الى مليار أخرى كسلاح… فهل تحوّلت إيران الى جمعيّة خيرية؟

 

ثالثاً: بناء على ما تقدّم، فإنّ الوضع المعيشي والاقتصادي في إيران بات في أسوأ حالاته… فالعجيب الغريب، أنْ تُقْدم إيران على دفع الأموال «الضخمة» وشعبها يعاني الفقر والعوز والحاجة… والدليل ان الحكومة الايرانية تدفع عشرين يورو شهرياً لكل إيراني… هذه المساعدة يستفيد منها خمسون مليون إيراني.. فهل يتفق هذا الأمر مع المنطق؟

 

رابعاً: هل ستتخلى إيران عن تدخلاتها السافرة في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن وقطاع غزة، من خلال هذا البذخ الذي جاء على حساب المواطنين الايرانيين، الذين اتخذوا من قضية الحجاب، وسيلة لإشعال التظاهرات الاحتجاجية في كل المحافظات الايرانية؟

 

خامساً: الايرانيون يؤمنون بـ «التقيّة»، وهي تعني انهم يُضْمِرون عكس ما يفعلون، أو يفعلون عكس ما يضمرون، من هنا بات من شبه المؤكد ان الآخرين لا يثقون بما يتم الاتفاق عليه. وأكبر دليل على ذلك المسيّرات والصواريخ الباليستية الايرانية الصنع التي قصف الحوثيون بها منشآت حيوية سعودية في الظهران و «أرامكو» وغيرهما.

 

سادساً: لا يَشُك أحد ان دول الخليج العربي، صادقة في توجهاتها… فبعد إعلان الكويت عودة سفيرها لدى طهران بدر عبدالله المنيخ، وإعلان الإمارات في خطوة مشابهة عودة سفيرها محمد الزعابي الى طهران، تظهر بوضوح نيات دول الخليج الصادقة… ولكن الحذر كل الحذر من غدر «هواة التشييع» باعتماد مبدأ التقيّة.

 

خلاصة القول: إنّ التفاهمات بين الدول ضرورية، وإنهاء حالات العداء بين المتخاصمين أمر ضروري، لكن أن تكون هذه الاجتماعات لإضاعة الوقت وتمرير مشاريع «باطنية من تحت لتحت»، فذلك أمر ممجوج… وهو بالتالي «طبخة بحص» لا يمكن أن ينتهي على خير.