Site icon IMLebanon

خطوات إيرانيّة نحو «شيطنة» هرمز

 

هو مضيق هرمز، له ما له من أهمية استراتيجية، إذ تمرّ عبره يومياً ثلث صادرات النفط في العالم. وسبق أن لمّحت إيران إلى أنها قد تمنع دولاً أخرى من تصدير نفط، إذا مُنِعت من تصدير نفطها. جاء ذلك بعدما انسحبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015، وأعادت فرض عقوبات على طهران، ستشمل النفط والمصارف في 4 تشرين الثاني (نوفمبر). كذلك، ينفّذ الحرس الثوري والجيش في إيران بين الحين والحين مناورات جوية مشتركة في مضيق هرمز، اعتبرتها طهران عرض قوة، مهدِّدة أعداءها «بـرد ساحق في لمح البصر». فقد صرح يوسف صفي بور، نائب قائد الجيش للعلاقات العامة، بأن مقاتلات من طراز «ميراج» الفرنسية و «أف-4» الأميركية و «سوخوي-22» الروسية، إضافة إلى مروحيات، شاركت في المناورات في مياه الخليج وبحر عُمان. إضافة إلى عرض القوة، قال إن «التدريبات رسالة سلام وصداقة للدول الصديقة والمجاورة». واعتبر الجنرال حميد واحدي، نائب قائد سلاح الجوّ في الجيش الإيراني، أن «لا دولة قادرة الآن على مواجهة إيران».

 

 

سبق أن بدأ الحرس والجيش في إيران مناورات بحرية واسعة شاركت فيها 600 قطعة. ونفى الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، أن تكون بلاده طلبت اجتماعاً مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكانت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) أفادت بأن وكالة أنباء أجنبية نقلت عن المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي قولها إن طهران طلبت هذا اللقاء، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

نعم هو مضيق هرمز، حيث كانت البداية قبل نهاية 2011، عندما أجرت إيران تمارين بحرية قرب المضيق، وصرحت أنها قد تعمد إلى إغلاقه، في حال قرر الغرب فرض المزيد من العقوبات عليها بسبب برنامجها النووي. وحذر حينها نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي من أن «نقطة نفط واحدة لن تمر عبر مضيق هرمز» في حال تشديد العقوبات على إيران. وأن «الأعداء لن يتخلوا عن مؤامراتهم إلا عندما نضعهم في مكانهم الطبيعي». وصرح حينها قائد البحرية الإيرانية بأن إغلاق مضيق هرمز أمام حركة ناقلات النفط يعتبر بالنسبة الى إيران «أبسط من ارتشاف قدح ماء» إذا قدرت الحكومة الإيرانية أن أغلاقه ضروري.

 

هنا يأتي روحاني ليكسب دعماً مفاجئاً من المحافظين المتشددين الذين هاجموه قبل أشهر، بعد دعوته إلى وحدة وطنية، حيث شكّك في قدرة واشنطن على منع إيران من تصدير نفطها. ويسير خلف روحاني إعلامه، فنجد الصحف الإيرانية تخصص تغطية واسعة لرسالة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، إذ عنونت صحيفة (جوان) المقرّبة من «الحرس» صفحتها الأولى بعبارة (نراكم في المضيق)، مع صورة لروحاني وسليماني يتصافحان أمام خريطة لمضيق هرمز. وأن مقاومة العدو وصون استقلال البلاد يفرضان علينا تناسي خلافاتنا إلى وقت لاحق. فيما احتلت صورة سليماني كامل الصفحة الأولى لصحيفة «سازاندغي»، التي حملت عنوان «وحدة بين الحرس الثوري والحكومة». كذلك جاءت تصريحات روحاني لتلهب الموقف أكثر، ففي معرض تعليقه على العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران ومحاولة ترامب حظر صادرات إيران النفطية، بأنها ستكون «شرارة حرب».

 

ولدى زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو أبو ظبي، شدد على «التزام الولايات المتحدة حماية خطوط تصدير النفط عبر مضيق هرمز وإنهاء التهديدات الإيرانية لدول المنطقة»، مؤكداً الاستمرار في هذا الالتزام، وكانت الزيارة الأولى له إلى دولة الإمارات منذ تولّيه منصبه.

 

سبق أن أشارت دراسة أميركية أجريت عام 2010، إلى أن إغلاق المضيق سيغضب المجتمع الدولي الذي ستتضرر مصالحه الاقتصادية بذلك، ولجوء إيران الى خطوة كهذه يعني إشعال فتيل حرب إقليمية ودولية لوحت بها إسرائيل وأميركا، وقد تشارك فيها دول أخرى. تحذيرات ومخاوف من بين المخاوف الدولية في شأن احتمال إغلاق المضيق، المخاوف التي عبرت عنها الصين قبل قمة تعقد في بكين الأسبوع المقبل، تجمع بينها وبين 21 دولة عربية، وجهت في شأنها تحذيرات إلى إيران قالت فيها إن عليها «بذل المزيد من الجهد لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط والانسجام مع جيرانها».

 

وسبق أن أبلغ روحاني نظيره الفرنسي ماكرون، خلال مكالمة هاتفية، أن حزمة الإجراءات الاقتصادية الأوروبية لتعويض انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لا تلبي كل المطالب الإيرانية، مشدداً على «الاهتمام الجاد» بمطالب بلاده في اجتماع الدول الخمس الموقعة على الاتفاق حول برنامجها النووي، والذين سيلتقون في فيينا، للمرة الأولى منذ انسحاب الولايات المتحدة منه.

 

الوهم الأميركي – العربي في أن إيران لن تتهور وتغامر بإغلاق مضيق هرمز كما هددت، قد لا يتحقق، فترامب يستعد للتفاوض، وللأوضاع المقبلة، فهو – كرجل أعمال قبل أن يكون رئيساً لأميركا – يدرك حجم خسائر الاقتصاد العالمي، خصوصاً الأوروبي والأميركي نتيجة تلك المواجهات مع إيران. فيكفي إغراق باخرة نفطية إيرانية في قلب المضيق لتجميد صادرات ثلث نفط العالم لشهور أو لسنوات.