الغريب بالنسبة الى ما هو حاصل في اليمن، ان الذين اعترضوا على العملية العربية العسكرية طالبوا بالاستعاضة عنها بالحوار، فيما كان قصدهم في بداية الازمة هناك ترك اليمنيين يواجهون بعضهم، الى حد قول بعض هؤلاء ان من الخطأ شن حرب على الحوثيين حلفاء ايران لمجرد انهم كانوا قادرين على ضرب استقرار اليمن شمالا وجنوبا، وعندها لم يكن احد يأتي على ذكر كلمة حوار. اما وقد تغيرت اوجه المعركة الى حرب جدية، فان الحلفاء (ما غيرهم) لم يعودوا يتركون مجالا لمعارك عسكرية مفضلين عليها الحوار، حتى ولو اقتضى الامر فناء اليمنيين على انواعهم؟!
رب قائل ان حملة حزب الله على المملكة العربية السعودية لم تفعل فعلها بعدما دخلت حرب اليمن عملياتها في الجو وعلى الارض، الى حد قول نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم انه «لا يمكن تشريع العدوان على شعب (يقصد الحوثيين) تحت اي شريعة او مبرر، حيث من الواجب القول انه لا يوجد نموذج عدواني صالح واخر فاسد طالما ان العدوان عدوان»؟!
وطالما ان الشيخ نعيم قاسم لم يأت على ذكر ما فعله الحوثيون في اليمن وضد دولتهم، اصبح من الواجب تذكير سماحته ومعه الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله، بان الحوثيين هم من بدأوا الحرب الداخلية، بما في ذلك ضرورة تغيير الواقع اليمني المعاش من خلال الحرب او من خلال الحوار، الامر الذي لم يترك له الحوثيون مجالا، الى حد اعترافهم صراحة بان لا مجال سوى منحهم السلطة ولا شيء اقل من ذلك.
من الضروري القول تكرارا ان شيئا ملموسا لم يصدر عن حزب الله باستثناء القول ان الحوثيين على حق في مواجهة اية محاولة عربية لوقف العنف بينهم وبين السلطة، ما يعني بالضرورة ان الحزب لم «يحس بالسخن» الا بعدما تفاهم العرب على عمل عسكري مشترك لوقف الحرب في اليمن، من غير حاجة الى ان يطلبوا اذنا من ايران وغيرها، حيث التقت قمة شرم الشيخ على ادانة الحوثيين واتهامهم بان لا مجال لمهادنتهم بعد الذي صدر عنهم، مع العلم انهم لا يزالون يتمسكون بموقفهم من طلب احتكار السلطة من دون سواهم على رغم افهامهم ان الضربة العسكرية المشتركة لا عودة عنها؟!
ان كلام حزب الله الاخير على التكفير والتكفيريين لا يشكل اية صورة للواقع في اليمن، حتى وان كان المقصود البحث عن العدالة، بما في ذلك اعطاء النموذج الصحيح في الاسلام والاخلاق لجهة حرية الاعتقاد والنموذج الانساني، وهو الخيار الحقيقي في مقابل الخيارات الفاشلة والخاطئة التي تطرح من قبل البعض؟!
وكذلك يقال في صفوف حزب الله ان «هناك تماهيا بين مشروع ثلاثي الاطراف، المشروع التكفيري الاميركي – الاسرائيلي حيث يكون احد الثلاثة في مجال العمل العدائي وتدمير الحياة البشرية بما في ذلك الفتنة والتحريض، وهذا ما يقال في الوقت الحاضر بعد طول كلام على ان الصهيونية وراء دمار عالمنا العربي فيما لم يأت احد على ذكر الخوارج الذين يعرفهم حزب الله ويدافع عنهم لانهم حلفاء لايران وحليف ايران حليف للحزب!
ان محاولة الكلام على سعي ايران الى افهام من لم يفهم بعد، لن تؤدي الى نتيجة، لاسيما في مجال القول ان العالم لم يجرب ايران في اي حرب، فيما كان قولهم ان ايران قد ربحت جميع الحروب التي خاضتها من غير ان يقولوا اين ربحت من لحظة وقف صراعها الدامي مع عراق صدام حسين؟!
ان اسوأ ما يمكن تصوره في هذا المجال – مجال الحرب الدائرة في اليمن ان يربح الحوثيون معركتهم في وجه القوة العربية المشتركة، الا اذا كانت غاية ايران تغيير وجه اليمن، قياسا على مجريات الحرب هناك، فضلا عن ان الذين اثاروا لغطا في مجال ردهم على ما صدر عن رئيس الحكومة تمام سلام، قد وجدوا انفسهم وكأنهم يغردون خارج السرب الوطني والقومي العربي، اضافة الى انهم على استعداد مطلق لان يجيروا خسارتهم الحرب لما فيه المصلحة الاسرائيلية كما درجت العادة التي تنشط في مناسبات معينة!
يبقى القول ان الامن القومي العربي اصبح على المحك، بعدما تكاثرت مناسبات سوء التفاهم بين ما هو عربي وبين ما هو فارسي بحسب اعتراف حزب الله الذي لم يعد يجد حرجا في استخدام عبارة «الفارسية الاسلامية» التي لم تطرأ على الساحة العربية الا لان هناك من يفضلها على كل ما عداها من اسلام عربي (…)
ان الامن القومي العربي يتطلب معرفة عميقة بمختلف العناصر التي تشكل القوة الوطنية الشاملة، فيما ينشط حزب الله لافهام الناس ان المقاومة وحدها هي من يستعيد الحق السليب، من غير حاجة الى صراع تدخل فيه ايران وبواسطته الى المنطقة لمجرد سعيها الى خرق مواقع السلطة؟!