لم ينجح الحوار في أي بلد عربي تدخلت فيه ايران وحاولت فرض ارادتها، وأمامنا تجارب صارخة في العراق وسوريا واليمن ولبنان… وفلسطين.
في هذه البلدان عملت ايران على مدى سنوات لبسط نفوذها وتنفيذ سياساتها وحققت نجاحات ملموسة جعلتها تفتخر صراحة أنها وسّعت حدودها الى البحر المتوسط وسيطرت على أربع عواصم عربية وجعلت بلداناً عربية جزءاً من الولاية أو ضمن الحدود الإمبراطورية.
لم تحترم إيران ارادات الشعوب ولا تطلعاتها ولا الأنظمة التي تحكمها، ولم تنظر يوماً إلى الإنتخابات بوصفها معبراً إلزامياً الى تجديد السلطة والمؤسسات، فعملت بين حدين، حد تكريس الإنقسام والشلل وحد الهيمنة الكاملة إذا واتتها الظروف.
في العراق لم تقتنع طهران بنتائج الإنتخابات العامة فحرّكت جماعاتها رفضاً واحتجاجاً وتوتيراً أمنياً كاد يقضي على حياة رئيس الوزراء، في سياق سياسي يصعب أن نرى نهايةً له.
وفي سوريا كان الإيرانيون على ما قال شركاؤهم الروس أكثر من مرة وراء الدفع الى إفشال عمل اللجنة الدستورية ووقف السير نحو تنفيذ موجبات القرار 2254 .
وفي اليمن لم يكتف حلفاء إيران بالإنقلاب على الشرعية واستعمال الرئيس السابق علي عبدالله صالح في مشروعهم، بل إنقلبوا على صالح نفسه وقضوا عليه ومارسوا حواراً طويلاً مع خصومهم لم يلتزموا بأيٍ من مقرراته.
وفي فلسطين، التي تحتاج أكثر من أي بلد وأي وقت الى وحدة شعبها، كانت إيران سبّاقة في دعم إنقلاب غزة وشق الصف الفلسطيني وبقايا الأرض الفلسطينية بين ضفةٍ وقطاع، وهي إلى اليوم تفتخر بعلاقتها بالقوى الانشقاقية الفلسطينية فيما تكرر تلك القوى شكرها وحمدها يومياً لطهران وأموالها.
في لبنان لن يختلف الأمر كثيراً. ليست المشكلة في الرغبة بالحوار ولكن في السقف المرسوم له قبل حصوله. وهذا السقف لن يحدده فرسان طاولته المستديرة الذين ينشدون للحوار الجميل، بل هو مرسومٌ سلفاً بقرار إيران وأسلحتها وحاجاتها، وما يتم الشكوى من أنه لم يتحقق بين حليفي مار مخايل لن يتوقع أحد تحققه كُرمى لـ»القوات اللبنانية» أو تيار «المستقبل» أو حتى لـ»القاء التشاوري» وضمانة الجبل الأشمّ.