يشبه المناخ المحيط بالحديث عن المدَدَ البشري الإيراني العراقي لاستلحاق بقايا سلطة بشار الاسد في دمشق، ذلك الذي انتشر وخيّم بعد سيطرة «داعش» على الموصل في حزيران الماضي، مع فارق شكلي هو غياب «صورة» الجنرال قاسم سليماني عن الحالة السورية وحضورها في الحالة العراقية.. اضافة إلى ان دمشق ليست مهددة من قبل «داعش» إنما من قبل المعارضة الآتية من جهة الجنوب والتي لم يستطع تنظيم الدولة ذاك اختراقها أو مشاغلتها مثلما فعل مع المعارضة في الشمال.
غير ان غياب صورة الجنرال سليماني لم يغيّب طيفه. حيث إن أحداً لم ينفِ او يُصحّح ما نُقل عن لسانه من وعود «بمفاجأة» العالم بالذي ستفعله الميليشيات التي يُقال إنها أُحضرت على عجل «للذود» عن دمشق واستعادة جسر الشغور الاستراتيجية.
والملاحظ في الشكل هو ان الآلة الاعلانية الممانعة لم تُشر ولو بكلمة واحدة إلى تدمر، ولا إلى «مفاجأة» أحد فيها، ولا إلى تسريب روايات التحضير لاستعادتها من «داعش»، ما يعني في المضمون ان «داعش» في سوريا هو في نظر المحور الممانع، غيره في العراق! والتعبئة حياله تختلف باختلاف جغرافية انتشاره ووظيفته الموضعية. أما حديث التكفير والارهاب، فذلك أمر يمكن اعتباره «مبدئياً» في بلاد الرافدين وعارضاً في حرب إنقاذ الاسد من مصيره الأخير.
لكن بغضّ النظر عن ذلك، فإن أمر الحشد الإيراني هو الأساس في الحالتين، حيث يفترض كثيرون وصوله الى نتيجة واحدة: أي مثلما عجزت إيران وميليشياتها العراقية و«صورة» الجنرال سليماني في الميدان، عن إعادة السيطرة على المناطق التي سقطت في أيدي «داعش» بعد ان طاشت وظيفة هذا التنظيم في العراق باتجاهات استثمارية اميركية.. فان حسابات المعارضة السورية في الشمال، في إدلب وجسر الشغور، وفي الجنوب من محيط درعا إلى دمشق، تلحظ شيئاً مماثلاً بدورها.. أي اصابة الاهداف الإيرانية بمفاجآت مضادة!
ما يعرفه الجميع، هو ان إيران فعلت تقريباً كل شيء على مدى السنوات الأربع الماضية لمحاولة كسر الثورة السورية، لكن العكس هو الذي حصل، وتراكمت الكسور على الجسد السلطوي الأسدي حتى أنهكته وأوصلته إلى مشارف الكرسحة الأخيرة.. وبالتالي، فإن الوعود الزلزالية الإيرانية الجديدة، لا جديد فيها سوى صخبها. وهذا لا يُعتدّ به كثيراً أو قليلاً في الميدان، ولن يعدّل في الخلاصة التي يراها الجميع والقائلة إن الإيرانيين يستثمرون عبثاً في قربة الأسد المفخوتة.