Site icon IMLebanon

زيارة إيرانية للراعي: رسالة وتطمينات وسجادة بقطبٍ مخفية

 

 

 

شكّلت زيارة المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان السيد كميل باقر إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي، في بكركي أمس، فرصة لنقاش غني ومتعدّد الاتجاهات، تداخل فيه السياسي بالثقافي، والديني بالحضاري.

يبدو واضحاً أنّ لدى السفارة الإيرانية في بيروت اهتماماً بإبقاء خطوط التواصل مع بكركي سالكة، على رغم من التباينات حول مقاربة بعض الملفات والقضايا أحياناً.

 

 

كذلك يبدي الراعي من جهته حرصاً على إبقاء أبواب بكركي مفتوحة أمام الزوار الإيرانيّين في إطار الانفتاح على الآخر ولو من موقع الاختلاف.

 

وإذا كان «الدافع البروتوكولي» لزيارة المستشار الثقافي الإيراني الثانية خلال سنتَين، هو معايدة الراعي بالسنة الميلادية الجديدة والتهنئة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلّا أنّ ما ميّزها أمران:

 

الأول، إهداء السيد باقر إلى البطريرك الماروني سجادة عجمية من نوع «حرير خراسان»، تُعرف بقطبها المخفية، وهي نالت إعجاب الراعي الذي شكر ضيفه على بادرته.

 

والثاني، تسليم المستشار الثقافي إلى البطريرك الراعي نسخة من رسالة كان قد وجّهها مرشد الجمهورية الإسلامية الإمام علي الخامنئي إلى البابا فرنسيس عبر السفير الإيراني في الفاتيكان قبل فترة قصيرة.

 

وممّا ورد في الرسالة الإيرانية التي تسلّم الراعي نسخةً معرّبةً منها الآتي:

«إنّ قيمة سيدنا عيسى (عليه السلام) في نظر المسلمين، بلا شك، ليست أقل من قيمته ومكانته ومرتبته في عيون المسيحيّين المؤمنين بالمسيحية. قضى نبي الله العظيم هذا مدة حضوره بين الناس كلّها في جهاد مستمر، ليتمكن من الوقوف في وجه الظلم والعدوان والفساد والأشخاص الذين كانوا يجرّون الشعوب إلى جهنم الدنيا والآخرة بواسطة المغريات أو القوة (…)

 

 

لو كان السيد المسيح (ع) بيننا اليوم، لما كان ليفوّت لحظة واحدة في مواجهة رؤوس الظلم والاستكبار العالميَّين، ولما كان ليتحمّل جوع مليارات البشر وتشرّدهم على يد القوى العظمى، التي تستغلهم وتسوقهم إلى الحروب والفساد والعنف (…)

 

إن اتّباع سيدنا عيسى (عليه السلام) يستلزم نصرة الحق والتبرّؤ من القوى المعادية للحق، ويُؤمل أن يعمل المسيحيّون والمسلمون في كل مكان من العالم بهذا الدرس العظيم للسيد المسيح (عليه السلام) في حياتهم وأفعالهم».

 

وما بين الرسالة المنقولة والسجادة المهداة، عُلم أنّه تخلّل لقاء الراعي – باقر بحثٌ في عدد من القضايا المطروحة، إذ توقف المستشار الثقافي الإيراني عند حربَي الكيان الإسرائيلي على غزة ولبنان، مشيداً بالانتصار الذي حققهما الشعبان اللبناني والفلسطيني في مواجهة عدوان الاحتلال.

 

وعلى مستوى الشأن اللبناني، أكّد الزائر الإيراني حرص بلاده على عدم التدخّل في الشؤون الداخلية، سواء ما يتعلّق بانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة أو غيرهما من التفاصيل.

وأشاد الزائر الإيراني بموقف البطريرك الماروني الذي رفض فيه إقصاء أي طرف لبناني، فأجابه الراعي بأنّ لبنان لا يقوم إلّا على التعايش بين أبنائه، لافتاً إلى أنّ الدستور يؤكّد بأنّ لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك.

 

 

وأضاف البطريرك مخاطباً ضيفه: «لن يكون هناك من طلاق بين المسيحيّين والمسلمين في لبنان استناداً إلى مبادئ الدستور».

 

وبعد اللقاء، أكّد باقر أنّه شدّد خلال اجتماعه مع البطريرك على رسالة المحبة والسلام والإيمان والاستقرار، وضرورة مواجهة القوى الشريرة والظالمة، مستشهداً ببعض آيات الكتاب المقدس التي تدعو إلى إنقاذ المظلومين ونصرتهم، «وهذا هو الدور الدي تؤدّيه الجمهورية الإسلامية».

 

ولفت إلى أنّ إيران لم ولن تتدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية، بل تدعم فقط خيار الشعب اللبناني المقاوم الذي اتخذ قراراً بالدفاع عن نفسه ومواجهة المحتلّين، منوّهاً باحتضان الشعب اللبناني بمكوّناته وطوائفه كافة للنازحين.