IMLebanon

حرب المشروع الايراني : تغيير القواعد أم اللعبة ؟

ليس خارج الحسابات الدقيقة والمعقدة، وسط المخاطر، أن يتوسع الدور الاقليمي لسلاح حزب الله، ويبقى خارج الحوار في لبنان. فلا الحرب المفتوحة بين حزب الله والعدو الاسرائيلي هي حربهما فقط، ولو كان جانب منها ضمن الجغرافيا اللبنانية. ولا الاعتداء الاسرائيلي في الجولان السوري على مجموعة قيادية ميدانية من حزب الله والحرس الثوري الايراني هو مجرد اشارة الى تغيير قواعد اللعبة، وسط توقعات بتغيير اللعبة نفسها في بعض مراحل الصراع الجيوسياسي في المنطقة.

ومن السهل أن يتحدث كثيرون عن أهداف تاكتيكية وسياسية من الغارة الاسرائيلية. لكن من الصعب تجاهل الهدف الاستراتيجي الأوسع والأعمق. ومن الطبيعي أن تدور الأسئلة حول رد حزب الله على العملية، وقبل الرد، حول الحلقة المفقودة المتعلقة بما جعل اسرائيل تكشف هوية القادة ومهمتهم وخط سيرهم وموقعهم. لكن من السذاجة أن تقتصر الأسئلة على ما سمعناه: هل يرد حزب الله ومتى وأين؟ فالحرب المفتوحة ليست لعبة كرة طاولة بل لعبة شطرنج. والسؤال هو: كيف يرد حزب الله؟ هل يكون الرد تاكتيكياً بعقل حار أم استراتيجياً بعقل بارد؟

والوجه الآخر للسؤال هو: هل يستطيع حزب الله أن يخوض حرباً على جبهتين أو حربين في وقت واحد، وهو أمر تعجز عنه دول؟ الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله قال قبل أيام انه قادر على ذلك، وان دوره في سوريا لم يشغله عن الاستعداد لأية مواجهة مع العدو الاسرائيلي. واذا كانت اسرائيل تنظر حالياً الى دور حزب الله في الجنوب ثم في الجولان فترى جبهة شمالية واحدة، فان فتح جبهة الجولان بعد عقود من ضبطها وابقائها هادئة منذ اتفاق فك الارتباط بين سوريا واسرائيل بعد حرب تشرين ١٩٧٣ يوحي أن الجبهة الواحدة تمتد الى أبعد من الناقورة والجولان.

ذلك ان حرب سوريا هي في العمق حرب المشروع الاقليمي الايراني. خصوم طهران يحاولون كسر الجسر السوري الذي يربط المشروع الايراني بلبنان وغزة ومجمل قضية فلسطين. والجمهورية الاسلامية في ايران تحاول المستحيل للحفاظ على الجسر والدفاع عنه عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً، عبر دور مباشر وعبر أدوار حزب الله وميليشيات عراقية. وليس فتح جبهة الجولان بعد التحولات في الحرب سوى خطة لتغيير الموضوع في حرب سوريا من خلال التركيز من جديد على مقاومة اسرائيل، لا فقط لابقاء الجبهة في الجنوب اللبناني خارج التصعيد بسبب القرار ١٧٠١ ومن أجل حسابات أخرى.

واللعبة كبيرة بالنسبة الى ايران كما بالنسبة الى اسرائيل، لكنها وجودية مصيرية بالنسبة الى سوريا ولبنان.