IMLebanon

تحديات ايران اكبر من مساءلة روحاني

 

طهران تعترف بان العقوبات الاميركية مؤذية، وان كانت أسباب الازمة التي تضربها أوسع. والرئيس حسن روحاني يعرف ان منع الأذى الاميركي يحتاج الى ما هو أبعد من الذهاب الى محكمة العدل الدولية في لاهاي، وان الخروج من الأزمة يتطلب العمل في الداخل الى جانب الرهان على ضمانات اوروبا وروسيا والصين. فالأزمة عميقة وخطرة، بصرف النظر عن ثبات الحكم الالهي عبر ولاية الفقيه ومفاخرة النظام بنفوذه في اربع عواصم عربية وانتصارات المحور الذي يقوده. وهي ازمة مالية واقتصادية واجتماعية مرتبطة بسياسة الجمهورية الاسلامية واداء السلطة فيها.

والمشهد بالغ التعبير، فليس امرا عاديا ان تدفع الأزمة مجلس الشورى الى مساءلة الرئيس روحاني بعد سحب الثقة من وزير الشؤون المالية والاقتصادية مسعود كرياسيان وقبله وزير العمل. وليس أمرا قليل الدلالات ان يعلن المجلس ان النواب لم يقتنعوا باجوبة روحاني حول ازمات الغلاء والبطالة وارتفاع اسعار العملة الاجنبية وانهيار العملة المحلية والركود والتهريب، بحيث سترفع التساؤلات الى السلطة القضائية لبتها. لكن مصير روحاني ليس في يد السلطة القضائية بل في يد المرشد الأعلى علي خامنئي. والتركيز على العقوبات والمؤامرات، وهو من تقاليد الخطاب الايراني، لم يعد يحجب الأسباب المحلية للازمة.

ذلك ان أقل ما قاله النواب إن المشكلة هي الفساد وسوء التخطيط وسوء التنفيذ وكلفة الانفاق الخارجي. وأبسط ما يقال في الشارع هو ان امتيازات الكبار من الملالي وضباط الحرس الثوري تتجاوز امتيازات الطبقة الحاكمة ايام الشاه، وان ثرواتهم وصلت الى ارقام فلكية على حساب المال العام. لا بل ان روحاني نفسه اشتكى من امتيازات الحرس الثوري الذي وضع يده على الاقتصاد والمشاريع، قبل ان يضطر تحت الضغط لرفع حصته في الموازنة. وبين الخبراء الاقتصاديين من أعاد التذكير بانهيار الاتحاد السوفياتي تحت ضغط الازمة الداخلية والانفاق الخارجي وعلى سباق التسلح مع اميركا، والتحذير من ان تتكرر التجربة في الجمهورية الاسلامية التي تتوسع في التسلح والانفاق الخارجي.

ومن السهل على روحاني القول إن طهران ستهزم المسؤولين المعادين لها في البيت الابيض وتتغلب على المصاعب الاقتصادية بعد الاعتراف بأن كثيرين فقدوا الثقة في مستقبل الجمهورية الاسلامية في اعقاب العقوبات. لكن من الصعب على الجميع تجاهل الحاجة الى تغيير السياسات من أجل القدرة على مواجهة الازمات. فلا مجال لعلاج أزمة من دون تشخيص الأسباب. ولا مهرب، مهما يكن النظام ثابتا وراسخا، من التخلي عن الجمود لتلبية الحاجات المتطورة للاجيال المتغيرة.