Site icon IMLebanon

إيران الشاكية!

مَعَهُ حقّ مندوب إيران في الأمم المتحدة غلام علي خوشرو، في الاعتراض على إعلان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن سياسة واشنطن تجاه بلاده هي السعي «الى دعم عناصر إيرانية من أجل الانتقال السلمي للسلطة فيها»..

المسؤول الإيراني وجّه رسالة الى «رمز» الشرعية الدولية، الأمين العام للأمم المتحدة انتونيو غوتيريس عارضاً «مظلوميّته» ومبيّناً أنّ كلام تيلرسون يكشف عن «مخطط ينمّ عن تدخل ووقاحة يتعارض مع جميع معايير القانون الدولي(…) وسلوك مرفوض في العلاقات الدولية».. إلخ.

المفارقة (المألوفة) أنّ إيران تخاطب الشرعية الدوليّة بلغة هذه الشرعية، لكنّها تتصرف (وتخاطب) وتقاتل الشرعيات العربية والإسلامية الأكثرية بلغة أخرى مناقضة، وآتية من أداء سياسي مُعتمد من رأس الهرم، ومن نصوص دستورية تقونن «تصدير الثورة» وتعطي التدخل الميليشيوي (المذهبي) في شؤون الغير، أغطية مؤسساتية لا نظير لها في أي مكان آخر!

إيران تأخذ على الأميركيّين نيّتهم دعم عمليّة تغيير للسلطة بشكل سلمي.. لكنّها تتجاهل حقيقة، أنّها هي نفسها مصدر البؤس العميم المنتشر في محيطها وجوارها. وأبرز مُشعلي كوارثه وحرائقه وفتنه ومصائبه. وإنّها بصلافة تامّة، لا تخفي ما تقوم به، ولا تستر أغراضها وأهدافها، ولا تخبّئ نيّاتها. ولا تعوّف وسيلة أو طريقة أو أسلوباً أو أداة، من أجل ذلك. بل إنّ تحرّكها سافر ولا يقيم وزناً لكرامة أحد من «الأغيار»! ولا يلحظ التزاماً بأي معيار معتمد في «العلاقات الدولية»! لا بحدود كيانية رسمية، ولا بمبدأ منع التدخل في شؤون الآخرين، مثلما لا تضع في حسبانها، حتى من النواحي الشكلية، أن تدخلاتها في كل أرض وصلت إليها، كانت ولا تزال صنواً لنكبات ومصائب وبلايا ورزايا وكوارث لم يُسجَّل مثلها سوى في الويلات الكبرى التي أصابت البشرية برمّتها في الحربين العالميّتَين الأولى والثانية..

.. إذا كانت تقول ما تقوله عن «التدخل الأميركي الموعود»(؟) في شؤونها، فماذا يمكن لعربي سوري أو يمني أو عراقي أو بحريني أو لبناني أو سعودي، أن يقول عنها وعن ممارساتها الفعلية والحرائقية؟! وعلى أي نصّ يمكن أن يتّكئ لتدعيم حجّته وتوضيح بيانه وإشهار مظلوميّته، طالما أنّ تدخلاتها منصوص عنها في دستورها! وطالما أنّ توجيهات «المرشد» غير خاضعة للجدال والنقاش! وطالما أنّ «أصول العلاقات الدولية» لا تُستحضر عندها سوى لتسفيه كلام أميركي أو غربي فيه شبهة تفلّت منها؟!

كلام تيلرسون في كل حال، يتضمّن «تطويراً» للسياسة المعلنة من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب التي توعّدت بالتصدي لتدخلات إيران في شؤون غيرها، من دون التطرّق الى شأنها الداخلي الخاص بها وبتركيبتها السلطوية.. ما يعني في المبدأ، رفعاً لسقف النزاع بين الطرفين إعلامياً وسياسياً وديبلوماسياً (حتى الآن؟) لكن من دون التيقّن من معنى ذلك، عملياً وفعلياً.