IMLebanon

قرار إيران..

لا يجانب الصواب على الإطلاق الافتراض القائل بأن السعودية هي أول وأكثر دولة أرادت «وقفاً سريعاً لإطلاق النار» في اليمن، على ما طالب بذلك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.. بل الأصح والأكثر قرباً من ذلك الصواب عينه، هو الافتراض القائل بأن «عاصفة الحزم» في أساسها إنما جاءت رداً على هجوم إيراني مقنّع بقناع الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح..

والفرق بين الأمس واليوم هو ذاته تلك العاصفة. أي أن إيران اعتادت مدّ أياديها إلى ديار غيرها، والتطلّع إلى أخذ ما ليس لها، والطمع في أرزاق جيرانها. اعتادت حتى داخت، وغاب عن وعيها مع تلك الدوخة، الأخذ بالاحتمالات المضادة من نوع القرار الميداني بمواجهتها وفي اليمن تحديداً.

لكن ما يجافي الصواب ويطمس أحكامه ومقوّمات العدل فيه، هو افتراض إيران وأتباعها الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أن وقف النار كان يجب أن يتم وكأن شيئاً لم يحصل على مدى الأسابيع الأربعة الماضية.. أو كأن مجلس الأمن لم يُصدر قراراً واضحاً وتحت البند السابع يدعو الانقلابيين إلى الانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها، والإذعان للسلطة الشرعية.. أو أن تظن إيران أن كثرة الضجيج واللغو بالأبعاد الإنسانية كانا يمكن أن يحجبا مسؤوليتها الأولى والمباشرة عما حصل، وعن دفع الأمور في اليمن، مثلما فعلت في سوريا والعراق ولبنان، إلى مراتب انقسامية حادة وغير مسبوقة.

ما لن تستطيعه إيران بالتأكيد، هو إعادة الزمن إلى الوراء.. إلى ما قبل انطلاق «عاصفة الحزم» في وجهها ووجه أدواتها، وترسيخ الانقلاب على الشرعية الدستورية الذي رعته وموّلته ونظّمته بكل تفاصيله. لكن ما تستطيع أن تفعله يقيناً، واليوم قبل الغد، هو أن تذعن للشرعية المثلثة الأضلاع: اليمنية والعربية والدولية، وأن تطلب من أتباعها الحوثيين التزام مقررات الشرعيات الثلاث تلك، والعودة إلى طاولة الحوار على قاعدة المشاركة في السلطة وليس القبض عليها واحتكارها بالقوة. وعلى قاعدة العودة عن كل الخطوات الانقلابية وليس التذاكي والتباكي لمحاولة فرضها بطرق ملتوية.

كان لا بد من «عاصفة الحزم». كان لا بد من إنهاء مخاطر المشروع الإنقلابي بأبعاده العسكرية، وهذا ما تحقّق في أقل من شهر. وأمكن بالتالي الانتقال إلى المرحلة التالية القائمة على تنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير أي إذعان إيران وأدواتها للشرعية المثلّثة الأضلاع وعودة الأمور إلى ما قبل الانقلاب.

.. الذي تبيّن في الإجمال، وحتى قبل انتهاء المحنة تماماً، هو أنّ المشروع الإيراني في اليمن انتهى قبل أن يكتمل، وذلك في كل حال، هزيمة واضحة، لن تتوانى طهران وملحقاتها عن وصفه بأنّه «انتصار إلهي» آخر!