IMLebanon

الهبة الايرانية تنتظر الـ «آلو»!

بـ «براعة» قلّ نظيرها، أدخل اللبنانيون عرضاً مغرياً لتسليح جيشهم في زواريب اللعبة السياسية. الهبة الايرانية في طهران جاهزة، والجيش في أمسّ الحاجة الى التسلّح في حربه على الارهاب التكفيري، فهل من يجرؤ على الاتصال؟

ثمة في السفارة الايرانية في بيروت من ينتظر اتصالاً هاتفياً من المراجع الرسمية اللبنانية لإعطاء جواب على عرض طهران تقديم هبة عسكريّة للجيش اللبناني لمساعدته في المواجهة التي يخوضها ضد الارهابيين على الحدود وفي الداخل. منذ زيارة وزير الدفاع سمير مقبل لطهران في 17 الجاري، أنهى الايرانيون الـ «ديفوار» المطلوب منهم: أُنجزت كل الاجراءات، حتى البيروقراطية منها، وباتت «الهبة جاهزة. الذخائر وُضّبت في الصناديق. وتربض في مطار طهران طائرة مستعدة للإقلاع في أي لحظة الى بيروت»، يقول مصدر دبلوماسي إيراني. ويضيف: «ننتظر آلو… وفي غضون ثلاث ساعات يفترض أن يكون في مطار بيروت الدولي من يفرغ حمولتها في شاحنات للجيش لتنطلق الى مخازنه».

ميزات ثلاث، بحسب المصدر، تميّز العرض الايراني: أولها أنه «عملي» يقوم على مبدأ «حمّل وامشِ» من دون مقابل ومن دون وسطاء وسماسرة، وثانيها أنه «من دون أي شروط وملاحق سرية وأثمان سياسية… وليجرّبونا»، وثالثها «أننا لا نعرض تزويد لبنان أسلحة فيما نسلّح أعداءه، من اسرائيل الى الجماعات الارهابية، في الوقت نفسه».

صحيح أن قيمة الهبة لا تصل الى أرقام تحمل تسعة أصفار. لكنها، منذ أعلن عنها الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني خلال زيارته لبيروت نهاية أيلول الماضي، سلكت مسالك التحقق الفعلي، قبل أن يُدخلها السياسيون في دهاليز التسويف… في انتظار ميشال سليمان آخر يؤكّد أن الإيرانيين لم يعرضوا يوماً تقديم هبات حقيقية!

وعلى عكس الوعود بالمليارات التي تُرمى في الهواء، وتُرفع لها آيات الشكر من دون أي إجراءات ملموسة، فتح الايرانيون مصانع أسلحتهم ودباباتهم ومروحياتهم أمام مقبل والوفد العسكري الذي رافقه الى طهران. لم يخف الوفد الزائر دهشته مما اطلع عليه، حتى أن وزير الدفاع وعد بزيارة ثانية لرؤية المزيد. أكّد الايرانيون لزوارهم اللبنانيين أن الهبة التي تتضمّن صواريخ «تاو» ومدافع هاون من مختلف العيارات وذخائر دبابات ومناظير ليلية «تعتمد في شكل أساسي على متطلبات الجيش في حربه على الارهاب». وشدّدوا على أن هذه «مرحلة أولى» من التعاون تليها مراحل أخرى، و«نحن مستعدون لمناقشة كل ما يطلبه لبنان».

الأسلحة موضّبة وجاهزة للشحن ومتى طُلبت ستصل في غضون ساعات

بعيداً عن الكلام الدبلوماسي عن «الوقوف الى جانب لبنان» و«العلاقات الاخوية» وغيره، يعترف المصدر بأن للجميع مصلحة في دعم الجيش اللبناني. «نحن جميعاً الآن في مركب واحد. الأحداث الأخيرة في عرسال وطرابلس والمنية كشفت أن الجماعات التكفيرية تطمح الى أن تكرّر في لبنان ما فعلته في بعض مناطق العراق وسوريا، وهذا بالتأكيد ليس من مصلحتنا ولا من مصلحة اللبنانيين». يكاد الرجل أن يقسم على نسخة القرآن الموضوعة قربه: «ماذا تريدوننا أن نفعل حتى تصدقوا… جرّبونا على الأقل ثم احكموا».

حتى اليوم، لا يبدو أن الهبة الإيرانية ستجد طريقها الى التنفيذ. سُحبت من التداول الاعلامي بعد ضغوط أميركية وفرنسية وأممية لتجميدها، وتجنّب طرحها على طاولة مجلس الوزراء في المدى المنظور. عباقرة السياسة اللبنانيون وجدوا «التخريجة». بدل عرضها على الحكومة، صرّح مقبل بعد عودته من طهران بأن الأمر حُوّل الى قيادة الجيش أولاً لتقييم مدى حاجة المؤسسة العسكرية اليها واتخاذ القرار المناسب «آخذة في الاعتبار الحظر والعقوبات الدولية على إيران». الرسالة واضحة. والتحذير الأميركي والفرنسي والاممي كان أكثر وضوحاً. لكن ما ليس واضحاً هو: هل هناك قرار فعلي بتسليح الجيش؟ سؤال لا يرتبط بالهبة الايرانية حصراً، وإنما أيضاً بالهبة السعودية وملياراتها الأربعة التي لم يرَ الجيش منها رصاصة واحدة حتى الآن.