بدأت مفاوضات الدول الاوروبية الثلاث فرنسا والمانيا وبريطانيا مع إيران حول الملف النووي في عامي ٢٠٠٤ و٢٠٠٥. وتحولت الى مفاوضات مع ست دول في عام ٢٠٠٦ عندما انضمت الى الدول الثلاث الولايات المتحدة وروسيا والصين ولا تزال الى اليوم من دون نتيجة. وما يظهر اليوم قبل ثلاثة أسابيع من ٢٤ تشرين الثاني (نوفمبر) موعد المفاوضات المفروض ان تكون حاسمة بين الدول الست وايران حول ملفها النووي ان الطرفين ذاهبان الى طريق مسدود. فأولاً ايران بلد نفطي ومنتج كبير للغاز ولا حاجة له للطاقة النووية المدنية. وجزء كبير من الغاز الايراني ما زال غير مطور بسبب عقوبات مستمرة على النظام. فلماذا يغامر بلد ثري بغازه ونفطه بالوقوع تحت نظام العقوبات ويجازف فقط من أجل برنامج نووي مدني؟ صحيح ان ايران في عهد الشاه بدأت تخطط للحصول على السلاح النووي عندما دخل الشاه شريكاً في المفوضية للطاقة النووية الفرنسية. وكان عندئذ يطمح الى تحويل بلده الى قوة عسكرية نووية ولكن ذلك كان بموافقة اسرائيل التي كانت حليفته الكبرى آنذاك. ولاحقاً ومنذ ثورة الخميني وقيام النظام الحالي لم تعدل إيران عن طموحها بتحويل البلد الى قوة عسكرية نووية. وكان جلياً منذ بداية هذا البرنامج ان ايران لا تحتاج الى طاقة نووية مدنية وان الخطة هي تطوير السلاح النووي لتصبح ايران قوة نووية في المنطقة. فالمفاوضات بين الدول الست وإيران لن تؤدي يوماً الى تخلي ايران عن هذا الطموح رغم كل ما تطلبه الدول الست منها.
ان سياسة ايران الاقليمية التي يضعها «الحرس الثوري» بقيادة قاسم سليماني الذي ظهرت صوره أخيراً على الجبهة العراقية ضد «داعش» لا يمكن فصلها عن الملف النووي مثلما تدعي الدول الست. فإيران رغم العقوبات الاقتصادية الموجعة تطمح الى ان تكون قوة نووية مثل باكستان الدولة الاسلامية الاخرى التي تملك السلاح النووي، وتراوغ إيران وتماطل وتدعي انها تفاوض ولكنها تعرف تماماً انها لا تريد التخلي عن برنامجها النووي العسكري. وهي ترى ان باراك اوباما مهتم بشكل كبير بتطبيع العلاقات معها والمعروف عنه انه مولع بعلاقة جيدة مع الشيعة لأن في اعتقاده ان السنّة هم وراء قيام «داعش» و١١ أيلول (سبتمبر). ولكن مهما كان اوباما راغباً في التطبيع مع ايران لا يمكنه ذلك من دون حل المسألة النووية بسبب ارتباط الكونغرس الاميركي باسرائيل. اما النظام الايراني فيعتقد ان بامكان اوباما رفع العقوبات اذا قدم الجانب الايراني مساعدات اقليمية في قضية محاربة «داعش» وفي انتخاب رئيس في لبنان. ولكن واقع الحال ان ايران تعرقل في لبنان وفي العراق وفي اليمن. والنظام الايراني الذي يساعد بشار الاسد في حربه على شعبه ساعده ايضاً في اخلاء السجون من عناصر «داعش» في البداية. فالغرب والدول الست تخطئ الظن اذا توقعت ان ايران ستتخلى عن تطوير السلاح النووي، فايران «الحرس الثوري» و»البسدران» مثل ايران الشاه في طريقها الى القوة النووية ولا عودة عن ذلك. والمفاوضات مع الدول الست ما هي الا اضاعة وقت ستتيح للنظام الايراني التوصل الى القنبلة الذرية، والغرب يشارك في مفاوضات عقيمة لن تؤدي الى نتيجة الى ان يأتي رئيس أميركي جديد مع أفكار مختلفة حول ظروف التطبيع مع إيران.