لعل أفضل وصف يمكن إطلاقه على القمة الحاسمة التي ستعقد في كمب ديفيد بين الرئيس باراك أوباما وزعماء دول مجلس التعاون الخليجي في ١٣ و١٤ ايار الجاري، انها جلسة مكاشفة ومعاتبة ومصارحة كثيرة التعقيد بين طرفي زواج سياسي تاريخي طويل يواجه خطر الإنهيار والطلاق.
لا حاجة للبحث طويلاً عن الأسباب التي أدت الى هذا التعقيد المتزايد. فمنذ الكشف عن المفاوضات السرية التي انخرطت فيها ادارة أوباما مع الإيرانيين مدة ثلاثة اعوام في عُمان، أي داخل البيت الخليجي، ولم تكلّف نفسها عناء إطلاع حلفائها التاريخيين، وخصوصاً السعودية والدول الخليجية الأخرى ولو على سبيل اللياقة، ومنذ راح أوباما يتهافت على طهران لاهثاً وراء اتفاق نووي معها بأي شكل ليستر به عورة الفشل الكبير لسياسته الخارجية في كل الملفات، دخلت العلاقات الخليجية مع ادارته مرحلة من المرارة والشكوك المتزايدة.
لن أستبق قمة كمب ديفيد، لكنني استطيع التأكيد ان الإيرانيين سيحصلون على اتفاقهم النووي في نهاية حزيران المقبل. ليس هذا من التكهنات، فالدليل الحاسم ليس وصول جون كيري الى الرياض تحضيراً لجدول أعمال القمة وترتيب ملفاتها بعيداً من احتمالات الفشل، بل الإعلان الذي رافق وصوله حيث قيل إن أوباما يسعى لنشر نظام دفاع صاروخي متكامل في الخليج، وذلك على خلفية محادثاته في ايلول الماضي في الرياض، حيث تركز البحث على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني مع دول الخليج وخصوصاً في مجال الدفاع الصاروخي الباليستي.
هذا يعني ان أوباما يريد ان يقول لحلفائه الخليجيين إنه صحيح، سيوقع الاتفاق النووي مع ايران لكنه سيزودهم نظام دفاع صاروخيا متطورا لطمأنتهم حيال أي اعتداءات ايرانية، في حين ان من الواضح ان شكوكهم ومخاوفهم تتعمّق، فاذا كانت ايران بلا اتفاق نووي وعلى رغم العقوبات تتدخّل في دول المنطقة وتعربد معلنة سيطرتها على أربع عواصم عربية، فكيف سيكون الأمر مع الاتفاق، الذي يجمع الخبراء على ان طهران لن تلتزمه قطعاً؟
كان من المثير ان ينشر “معهد واشنطن للسياسات” أمس تقريراً وضعه عدد من الخبراء والسياسيين الديموقراطيين والجمهوريين يدعو أوباما الى مراجعة في العمق لسياسته في المنطقة على قاعدة محاربة المتطرفين السنّة والشيعة وضرورة وإدراك إدارته انه لا يمكن ان تكون ايران حليفاً.
لكن أوباما لن يتوقف عند التقارير والتوصيات، إنه “مستقتل” لتوقيع الاتفاق مع ايران، فقد أكّد ستراون ستيفنسون الرئيس السابق لوفد البرلمان الأوروبي ان أوباما تراجع عن شرط رفع العقوبات تدريجاً ورضخ لطلب علي خامنئي رفع العقوبات كلياً فور توقيع الاتفاق، مبرراً تراجعه بالقول إنه يمكن دائماً ان نعود الى العقوبات اذا لم تمتثل ايران لشروط الاتفاق.