تابعنا في الحلقة الثانية أمس حكاية «الكذبة الكبيرة» التي أُطلق عليها اسم «البرنامج النووي الإيراني».. وقلنا بأنّ إيران ومجموعة (5+1) التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، بعد عدة جولات تفاوضيّة أبرمت اتفاقاً موقتاً في جنيڤ تضمن خطة عمل مشتركة، التزمت خلالها طهران عدم تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من نسبة 20٪.
كما أشرنا في الحلقة نفسها الى أنّ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) أوصوا بإحالة إيران الى مجلس الأمن الدولي بشأن برنامجها النووي. وفي 23 كانون الأول عام 2006 صوّت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على فرض عقوبات على إيران لفشلها في تعليق برنامجها النووي.
وفي 20 شباط 2009 أفاد معهد العلوم والأمن الدولي بأنّ إيران ليس لديها حتى الآن سلاح نووي ولكن لديها ما يكفي من اليورانيوم منخفض التخصيب لسلاح نووي.
واليوم نتابع في هذه الحلقة الثالثة والأخيرة تفاصيل هذه «الكذبة»:
طالما نحن نتحدّث عن المباحثات التي عقدت بين الدول (5+1) فلا بد أن نذكر أيضاً أنّ هناك عاملين لهما تأثير كبير في موضوع النووي الايراني.
أولاً: روسيا التي هي على حدود إيران، والتي ستكون المتضررة الأولى. فهناك سؤال بسيط هو: هل تسمح روسيا أن يكون على حدودها دولة نووية؟ هذا الكلام قاله أحد سفراء روسيا في دولة عربية.
ثانياً: إسرائيل كما نعلم، لا يمكن أن تتعايش مع وجود مفاعل نووي في إيران، خاصة وأنّ إيران أصبحت مسيطرة على أربع عواصم عربية هي: بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء. وهذه الدول تهدد أمن إسرائيل. لكن لهذا الموضوع وجه آخر ان هناك اتفاقاً تحت الطاولة بين إسرائيل وإيران. واللافت أنّ موضوع «فيلق القدس» يؤكد العلاقات المميزة بين إسرائيل وإيران.
وننتقل بعد ذلك الى محطات تاريخية لهذا البرنامج النووي:
في 25 شباط 2009: إيران تجري تجارب في محطة بوشهر للطاقة النووية باستخدام قضبان وقود «وهمية» محملة بالرصاص بدلاً من اليورانيوم المخصب لمحاكاة الوقود النووي.
وفي 21 أيلول 2009: في رسالة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تكشف إيران عن وجود منشأة نووية ثانية تقع تحت الأرض في قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة قم. ليجري مفتشو الوكالة عقب ذلك زيارة للمنشأة.
وفي 5 كانون الأول 2010: إيران تبدأ إنتاج الكعكة الصفراء، وهي مرحلة وسيطة في معالجة اليورانيوم.
وفي 9 كانون الثاني 2012: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد أن تخصيب اليورانيوم بدأ في منشأة فوردو النووية بمحافظة قم شمالي إيران.
وفي 15 شباط 2012: إيران تحمِّل أول قضبان وقود نووي محلية الصنع في مفاعل الأبحاث بطهران.
وفي 14 نيسان 2012: استئناف المحادثات بين إيران وست قوى عالمية في إسطنبول بشأن الطموحات النووية الإيرانية.
وفي 18-19 حزيران 2012: انعقاد اجتماع بين إيران ومجموعة (5+1) في موسكو، ولم يُتوصل فيه إلى اتفاق.
وفي 1 تموز 2012: بدأ سريان قرار الحظر الكامل على النفط الإيراني من الاتحاد الأوروبي.
وفي 30 آب 2012: خلص تقرير للأمم المتحدة إلى أن إيران كثفت إنتاجها لليورانيوم المخصب عالي الجودة كما أعادت تهيئة أراضي بارشين، إحدى قواعدها العسكرية، في محاولة واضحة لعرقلة تحقيق الأمم المتحدة بالبرنامج النووي للبلاد.
وفي 24 تشرين الثاني 2013: تم التوصل إلى اتفاق بين القوى العالمية الست وإيران للحد من أنشطتها النووية مقابل الحصول على عقوبات أخف.
وفي 20 كانون الثاني 2014: صرح المتحدث باسم البرنامج النووي الإيراني بهروز كمالوندي بأن إيران بدأت في تعليق مستويات عالية من تخصيب اليورانيوم. والاتحاد الأوروبي يعلن بدوره تعليق بعض العقوبات المفروضة على إيران لمدة ستة أشهر.
وفي نيسان 2015: توصل مفاوضون من إيران والولايات المتحدة والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا إلى اتفاق بتخفيض مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب بنسبة 98%. وطهران ترفض التوقيع على الاتفاق إلا إذا رُفعت العقوبات الاقتصادية في اليوم الأول للتنفيذ.
وفي تموز 2015: الاتفاق على خطة عمل مشتركة لتقليل عدد أجهزة الطرد المركزي الإيرانية بمقدار الثلثين، وفرض حظر على التخصيب في المنشآت الرئيسية.
وفي 20 تموز 2015: مجلس الأمن الدولي يؤيد الاتفاق النووي.
في 8-9 آذار 2016: إيران تختبر صاروخين باليستيين من طراز «قادر» خلال مناورة عسكرية واسعة النطاق.
وفي 29 كانون الثاني 2017: إيران تطلق صاروخاً باليستياً متوسط المدى، ليكون ذلك أول اختبار صاروخي لها منذ أن أصبح دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، لكن الاختبار فشل.
وفي 3 شباط 2017: وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على 25 فرداً وشركة على صلة ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، إضافة إلى الذين يقدمون الدعم لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وفي 8 أيار 2018: دونالد ترامب يعلن أن الولايات المتحدة ستنسحب من خطة العمل الشاملة المشتركة وستفرض أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على إيران.
وفي 8 أيار 2019: روحاني يعلن انسحاباً جزئياً من خطة العمل الشاملة المشتركة.
وفي 17 حزيران 2019: تقرير عن زيادة إيران في إنتاجها لليورانيوم منخفض التخصيب وإمكانية تجاوزها خلال 10 أيام، 300 كيلوغرام، وهو الحد المسموح تخزينه بموجب الاتفاق النووي.
وفي 5 تشرين الأول 2019: أعلن روحاني أن إيران ستبدأ ضخ غاز اليورانيوم في 1044 جهاز طرد مركزي كانت تدور فارغة في مصنع فوردو. وتمثل هذه الخطوة خروجاً عن شروط الاتفاق، الذي حصر إيران في تشغيل نحو 5000 جهاز طرد مركزي من الطراز القديم.
وفي 5 كانون الثاني 2020: إيران تصرح بأنها مستعدة للعودة إلى حدود خطة العمل الشاملة المشتركة بمجرد إزالة جميع العقوبات.
وفي 27 تشرين الثاني 2020: اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة.
وفي 2 كانون الأول 2020: البرلمان الإيراني يقر مشروع قانون لرفع تخصيب اليورانيوم إلى مستويات ما قبل عام 2015 إضافة إلى منع عمليات التفتيش النووي في حال لم تُرفع كل العقوبات.
وفي 4 كانون الثاني 2021: إيران تعلن استئناف تخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 20%، وهي نسبة تتجاوز بكثير الحدود المنصوص عليها في الاتفاق النووي عام 2015.
وفي 18 شباط 2021: إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعلن أن الولايات المتحدة مستعدة للجلوس لإجراء محادثات مع طهران والأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني، للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
وفي 13 نيسان 2021: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبلغ طهران بقرار زيادة التخصيب إلى 60%.
وفي 12 أيلول 2021: إيران تصرح بأنها ستسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بمراقبة المعدات النووية في البلاد.
خلاصة القول إنّ هناك تناغماً بين المصالح الأميركية والمصالح الإيرانية، ما يجعل المفاعل النووي الإيراني في النهاية كذبة كبيرة.